تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بيد أن هذا المعنى لن يستقيم إلا إذا حملت كلمة ’’الجرح‘‘ في قوله ’’ليس للجرح فيها مدخل‘‘ على مطلق الضعف، وجعلت كلمة المجروح في قوله ’’ حديث المجروح ساقط واه ‘‘ تشمل جميع أصناف الضعفاء، مع أن هذا التفسير لا يقره سياق كلام الإمام الحاكم، إذ ورد في السياق ذكر المجروح مقيدا بكونه ساقط الحديث، ومن المعلوم أن المجروحين ليسوا كلهم ساقطي الحديث، فمنهم من يكتب حديثه، ومنهم من يسقط حديثه، ولذلك يكون المقصود بالمجروح الراوي المتروك الساقط الحديث دون غيره من الضعفاء الذين يكتب حديثهم للاعتبار والمقارنة.


وإذا كان المجروحون ليسوا كلهم ساقطي الحديث، فإن نص الحاكم – في ضوء التأويل السابق، وهو أن المقصود بالثقة العدل المتقن- لا يشمل إلا أحاديث الثقة وأحاديث المتروك، لورود المجروح في هذا النص بمقابل الثقة مقيدا بكونه ساقط الحديث، وعليه فإن الحاكم لم يكن من خلال نصه نافيا ولا مثبتا لمدى إطلاق العلة على أحاديث الضعفاء غير الساقطين، وبهذا أصبح كلامه ناقصا وغير مستوعب الجوانب. كما أن هذا التفسير لا يقره منهج كتب العلل في ذكر الأحاديث المعلولة عموما، إذ كانت تضم أحاديث الضعفاء أكثر من أحاديث الثقات.
وبما أن كلمة الثقة جاء ذكرها في نص الحاكم بمقابل المجروح الساقط حديثه، فإنه ينبغي أن يكون معناها أوسع مما سبق، بحيث يشمل جميع أنواع الرواة المقبولين غير المتروكين، إذ يكون معنى هذه الكلمة عندئذ كل راو صالح عدل، سواء أ كان ثقة أم ضعيفا، وإن كان تفسيرها بهذا المعنى غير معهود لدينا فإنه ليس بغريب على المحدثين النقاد، بل كان مألوفا لديهم.
وبما أن الإمام الحاكم قد أخرج حديث المجروح الساقط من مفهوم العلة، وأصبح معنى الثقة في قوله ’’والعلة تكثر في أحاديث الثقات‘‘ هو كل عدل لم يعرف في سيرته ما يوجب ترك حديثه وسقوطه من فسق وغيره، فإن هذا القول يكون بمثابة تخصيص العلل بما يرويه الراوي المقبول، سواء أ كان ثقة أم ضعيفا، دون المتروك، وأن الكثرة هنا لن تكون بالنسبة إلى أحاديث المتروكين، وإنما معناها كما جاء في سياق كلامه، وبالتالي فإن المفهوم المخالف ليس مقصودا هنا، وهو أن العلة تقل في أحاديث المتروكين، إذ ليس للعلة صلة بما يرويه المجروح الساقط حديثه، لكون حديثه قد سقط مباشرة، دون أن يتوقف ذلك على دراسة ومقارنة.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير