تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال يحيى بن عُثمان بن صالح السَّهْمي: سألت أبي متى احترقت دارُ ابن لهيعة؟ فقال: في سنة سبعين ومئة. قلتُ: واحترقت كُتُبه كما تزعمُ العامة «؟ فقال: معاذ الله ما كتبتُ كتاب عُمارة بن غَزِيَّة إلا من أصلِ كتاب ابن لهيعة بعد احتراقِ داره غيرَ أن بعضَ ما كان يقرأ منه احترقَ. وبقيت أصوله بحالها.

وقال إبراهيم بن عبد الله بن الجُنَيْد: سمعتُ يحيى بن مَعِين يُسأل عن رِشْدين بن سَعْد، قال: ليسَ بشيء، وابنُ لَهِيعة أمثلُ من رِشْدين، وقد كَتَبتُ حديثَ ابنِ لَهِيعة. قلت ليحيى بن مَعِين: ابنُ لهيعة ورِشْدين سواء؟ قال: لا، ابنُ لهيعة أحبُّ إليَّ من رِشْدين، رِشْدين ليسَ بشيء. ثم قال لي يحيى بن معين: قال أهلُ مِصْرَ ما احترقَ لابن لهيعة كتابٌ قَطُّ، وما زال ابنُ وَهْب يكتبُ عنه حتى ماتَ. قال يحيى: وكان أبو الأسود النَّضْر بنُ عبد الجبار راويةً عنه، وكان شيخَ صِدْقٍ، وكانَ ابنُ أبي مريم سيىءَ الرأي في ابن لَهِيعة فلما كَتَبوها عنه وسألوه عنها سكتَ عن ابن لَهِيعة. قلت ليحيى: فسماعُ القُدماء والآخرين من ابن لهيعة سواء؟ قال: نعم سواءٌ واحد.

وقال أبو عُبَيد الآجري، عن أبي داود: قال ابن أبي مَرْيَم: لم تحترقْ كُتُب ابن لهيعة ولا كتاب، إنما أرادوا أن يقفوا عليه أمير فأرسل إليه أمير بخمس مئة دينار. فمن أثبت الاختلاط ذهب إلى التفريق بين من روى منه قبل الاختلاط ومن روى بعده. قال أبو داود: سعتُ قتيبةَ يقول: كُنا لا نكتبُ حديثَ ابن لهيعة إلاَّ من كُتُب ابن أخيه أو كُتُب ابن وَهْب إلا ما كان من حَدِيث الأعْرَج.

وقال جعفر بن محمد الفِريابي: سمعتُ بعض أصحابنا يذكر أنه سَمِعَ قُتيبة يقول: قال لي أحمد بن حنبل: أحاديثُكَ عن ابنِ لهيعة صِحاحٌ. قال: قلت: لأنَّا كُنَّا نكتب من كتاب عبد الله بن وَهْب ثم نسمعُه من ابن لهيعة.

الاختلاط بسبب آخر: وقال يعقوب بن سُفيان: سمعتُ أبا جعفر أحمد بن صالح، وكان من أخيار الثُّبُوتيين يُثني عليه. وقال لي: كنتُ أكتبُ حديثَ أبي الأسْوَد يعني النَّضْر بن عبد الجبار في الرق فاستفهمتهُ، فقال لي: كنتُ أكتبُه عن المصريين وغيرهم ممن يُخالِجُني أمرهم، فإذا ثبت لي حَوَّلتُهُ في الرِّق وكتبتُ حديث أبي الأسْود وما أحسنَ حديثه، عن ابن لهيعة. قال: فقلت له: يقولون: سماعٌ قديمٌ وسماعٌ حديثٌ. فقال لي: ليس من هذا شيء. ابنُ لهيعة صحيحُ الكِتاب، كان أخرَج كُتُبَهُ فأمْلَى على الناسِ حتى كَتَبُوا حديثَه إملاءً، فمن ضَبَطَ كان حديثُهُ حَسَناً صَحِيحاً إلا أنه كان يَحضُر من يَضْبِطُ ويُحْسِن، ويحضر قومٌ يكتبونَ ولا يَضْبطون ولا يُصَحِّحُون، وآخرون نَظَّارة وآخرون سَمِعوا مع آخرين، ثم لم يُخْرِج ابنُ لهيعة بعدَ ذلك كتاباً، ولم يُرَ له كتابٌ، وكان من أرادَ السَّماعَ منه ذهبَ فاستنسَخَ ممن كَتَبَ عنه وجاءَه فقرأه عليه، فَمَن وَقَعَ على نُسخةٍ صحيحة فحديثُهُ صحيحٌ ومَن كَتَبَ من نُسخةٍ لم تُضْبَط جاءَ فيه خللٌ كثيرٌ ثم ذهب قومٌ، فكُلُّ مَن روى عنه، عن عطاء بن أبي رباح فإنه سَمِعَ من عطاء، وروى عن رجل، عن عطاء، وعن رجلين، عن عطاء، وعن ثلاثة، عن عطاء تركوا من بينه وبين عطاء وجَعَلوه عن عطاء.

وقال يعقوب بن سفيان في موضع آخر: سمعتُ أحمد بن صالح يقول: كتبتُ حديثَ ابنِ لَهِيعة عن أبي الأسود في الرِّق، وقال: كنتُ أكتبُ عن أصحابنا في القَرَاطيس وأستخيرُ اللَّهَ فيه. فكتبتُ حديثَ ابنِ لَهِيْعة عن النَّضْر في الرِّق. قال يعقوب: فذكرتُ له سَماعَ القَدِيم وسماعَ الحديثِ، فقال: كانَ ابنُ لَهِيعة طَلاَّباً للعِلْمِ، صحيحَ الكتاب، وكان أملى عليهم حديثَه من كِتابه، فربما يكتبُ عنه قومٌ يَعْقِلون الحديثَ وآخرون لا يَضْبِطونَ، وقوم حَضَروا فلم يَكْتُبوا بعدَ سماعِهم، فوقعَ عِلْمُهُ على هذا إلى الناسِ، ثم لم يُخرِج كُتُبَه، وكانَ يقرأ من كُتُب الناسِ، فوقَعَ حديثُهُ إلى النَّاسِ على هذا، فمَن كتَب بأخرةٍ من كتابٍ صحيحٍ قرأ عليه في الصِّحَّة، ومَن قرأ من كتابِ مَن كان لا يَضْبِطُ ولا يُصَحِّح كتابَه وقعَ عنده على فساد الأصْلِ. قال: وظننتُ أن أبا الأسْوَد كتبَ من كتابٍ صحيحٍ، فحديثُه صحيحٌ يُشبِهُ حديثَ أهل العِلْم.

المستثنون:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير