تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

طبعًا هذا الكلام حقيقة فيه قدر كبير من الغرابة؛ لأن الحافظ لمَّا عرَّف الحديث الصحيح اشترط فيه ألا يكون شاذًا، وفي تعريفه قد تقول لعل هو أراد بالشاذ الذي عند ابن الصلاح، لا، لكنه عرَّف في شرحه لتعريف الحديث الصحيح الشاذ، وبيَّن أنه مخالفة الراوي لمن هو أولى منه، فما في احتمال أن نحمله على الشاذ عند ابن الصلاح، عرَّفه بهذا التعريف في كتابه النزهة، وفي كتابه النكت وكل كتبه وكل كلامه فيه اشتراط هذا الشرط، ثم يؤكد هذا الشرط أيضًا لمَّا تكلم عن زيادة الثقة ورد على من ادعى أن زيادة الثقة مقبولة مطلقًا حيث قال: كيف تجمع بين اشتراطك عدم الشذوذ مع قولك بأن زيادة الثقة مقبولة مطلقًا هذا تناقض، نفس الحافظ بن حجر يقول هذا، يؤكد أن اشتراط انتفاء الشذوذ عنده شرط أكيد في الحديث الصحيح، فحقيقة هذا الموقف فيه شيء من التناقض ولا أعرف له توجيهًا في كلام الحافظ بن حجر، لكننا ندع كلام الحافظ بن حجر الآن جانبًا مُشْكِل، لا أعرف له توجيهًا ولا قرأت له توجيهًا لأحد من أهل العلم.

لكن الذي يُهمنا أكثر وهو المتعلق بشرط البخاري: كيف أخرج البخاري مثل هذه الأحاديث بالفعل؟ وكيف أخرج مسلم هذه الأحاديث مع أننا جميعًا متفقون أن شرط الصحيح ألا يكون الحديث شاذًا، كيف أخرج هذه الروايات التي بعضها ينقض بعضًا، وبعضها يخالف بعضًا؟


قبل الدخول في بعض التقسيمات نقول بأنه لا يمكن أن نعتبر إخراج البخاري ومسلم لهذه الأحاديث التي وقع فيها شيء من الاختلاف دالًا على أن اشتراط الشذوذ ليس أو أن اشتراط عدم الشذوذ ليس من شروط الصحة، لا يمكن أن نقول هذا إلا إذا عرفنا أن البخاري كان يعتبر أن هذه الرواية شاذة بالفعل، ومع ذلك أخرجها في الصحيح، إذا عرفنا أن البخاري أخرج رواية وهو يعلم أنها شاذة في الصحيح عندها نقول هذا إشكال ويخالف ما قررناه سابقًا من أن الحديث الصحيح يحب ألا يكون شاذًا، لكن إذا لم يكن عندنا علم أن البخاري كان يعلم بشذوذ هذه الرواية أو كان مقتنع بشذوذها هل يمكن أن أعترض عليه وأقول له بأن هذا الحديث شاذ وكيف تخرجه في الصحيح، قد يكون شاذ عندي لكنه ليس بشاذ عند البخاري، وقد يكون اجتهاد البخاري هو الصواب وقد يكون اجتهاد غيره ممن حكم عليه بالشذوذ هو الصواب، لكن المهم أن البخاري عند نَفْسِهِ ما نقض شرط الصحة، فلا يمكن أن أعتبر مجرد إخراج البخاري للحديث الذي فيه شذوذ دالًا على عدم اشتراط الشذوذ إلا إذا عرفت أن البخاري يعرف أن هذا الحديث فيه شذوذ ومع ذلك أخرجه في الصحيح، بغير ذلك لا يمكن أن أعترض على البخاري، هذا واضح.
الأحاديث التي لا نشك أنها واضحة الشذوذ مثل حديث جمل جابر.
لا يمكن أن البخاري اعتبر كل الروايات صحيحة قلنا القصة واحدة.
لِمَ أخرج البخاري هذا الحديث مع الاختلاف الظاهر الذي فيه؟ فما هو التوجيه فيه؟
نقول له جوابان:
الجواب الأول: أن يكون الإمام البخاري أخرج هذا الحديث الذي وقع في بعض ألفاظه اختلاف لا يحتج بالألفاظ التي وقع فيها الاختلاف وإنما يحتج بما اتفقت عليه الروايات.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير