ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[22 - 04 - 06, 07:17 ص]ـ
الكتاب الخامس من كتب الصحاح وهو كتاب:
" المستدرك على الصحيحين " لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري.
هذا الإمام هو محمد بن عبد الله بن حمدويه الضبي أبو عبد الله النيسابوري الشهير قديمًا كان مشهورًا في زمنه بابن البيع، ثم أصبح مشهورًا عند المتأخرين بأبي عبد الله الحاكم النيسابوري، ولُقِّبَ بالحاكم لتوليه القضاء لأنه تولى القضاء، بخلاف ما اشتُهر عند بعض المتأخرين من أن هذا اللقب لقب من ألقاب الحديث مثل الحافظ، ومثل المتقن، ومثل أمير المؤمنين في الحديث هذا خطا، بل الصواب أن الحاكم لقب لمن تولى القضاء.
وُلِدَ هذا الإمام سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة من الهجرة، وتُوفي سنة خمسة وأربعمائة من الهجرة، عمره أربعة وثمانين.
ابتدأ سماعه أول سماع سنة ثلاثمائة وثلاثين، يعني كان عمره: تسع سنوات، وهذا يدل على تبكيره في طلب الحديث، ورحل في الأمصار والأقطار في طلب العلم، فجال خرسان التي هي المقاطعة التي يعيش فيها فدخل مرو، والري وغيرها من بلاد خراسان،؟ وأيضًا بلاد ما وراء النهر في بخارى وسمرقند، وما جاورها، ورحل أيضًا على العراق، وإلى الحجاز، وإلى بلدان أخرى كثيرة متعددة فله رحلة واسعة.
من أهم شيوخه:
ابن حبان صاحب الصحيح، والدار قطني، وله عناية بالدار قطني بالغة حتى إنه سأله عن مجموعة من الرواة في أسئلة مشهورة ومُدوَّنة ومطبوعة للحاكم عن الدار قطني؛ يعني: سأله عن بعض الرواة في الجرح والتعديل وقيَّد أقوال الدارقطني في كتاب مطبوع متداول.
ومن شيوخه أيضًا: أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي وهو صاحب الفوائد الغيلانيات المشهورة.
ومحمد بن يعقوب بن الأكرم، ومحمد بن يعقوب أبو العباس الأصم، وغيرهم.
ومن أهم تلامذته:
أشهر تلامذته في الحقيقة هو الإمام البيهقي صاحب السنن الكبرى، وهو الذي كان كما يقول عنه الذهبي: قد حمل عن الحاكم وقِرَ بعير من الكتب، يعني سمع منه ما يساوي حمل بعير من الكتب، كل هؤلاء الكتب سمعها على شيخه الحاكم، وقد أكثر من الرواية عنه في كتبه.
ومن تلامذته أيضًا: الخليل صاحب الإرشاد.
والسِّجْزِي صاحب السؤالات المطبوعة عنه.
أشهر مصنفات هذا الإمام:
المستدرك على الصحيحين.
معرفة علوم الحديث. وهو كتاب مشهور وهو من أوائل كتب مصطلح الحديث وعلوم الحديث وَمِنْ أَجَلِّهَا.
كتاب المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم.
كتاب المدخل إلى كتاب الإكليل.
سؤالاته للدار قطني. والتي سبق ذكرها.
سؤالات مسعود السِّجْزِي له، وأسئلة البغداديين له، وهما كتابان طُبعا في كتاب واحد.
هذه مجمل مصنفات الحاكم التي بلغتنا ووصلت إلينا، وله كتب أخرى مفقودة.
ننتقل إلى الكلام عن هذا الكتاب المهم وهو:
" المستدرك ".
فنقف أولًا عند الغرض من تأليف هذا الكتاب:
يظهر هذا الغرض الحقيقة أولًا من عنوان الكتاب " المستدرك على الصحيحين " فهو يريد أن يورد أحاديث يستدركها على صحيحي البخاري ومسلم، ووجه الاستدراك أن تكون صحيحة في أقل الأحوال، ولم يخرجها البخاري ومسلم، وقد بيَّن سبب توجهه إلى هذا الغرض في مقدمة كتابه حيث قال يقول في مقدمة كتابه:
وقد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المبتدعة يشمتون برواة الآثار بأن جميع ما يصح عندكم من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث، وهذه الأسانيد المجموعة مشتملة على ألف جزء أو أقل أو أكثر منه كلها سقيمة غير صحيحة.
يقول: إن بعض المبتدعة ادعى بأنه لا يصح إلا مقدار عشرة آلاف حديث، يقصدون ما أخرجه البخاري ومسلم، وأن كمل ما سوى ذلك وهي أحاديث كثيرة لا يصح منها شيء، فهؤلاء المبتدعة لم يستفيدوا من العناوين التي وضعها البخاري ومسلم – المختصر- وغيرهم، فظنوا أن كل الصحيح هو ما أودعه البخاري ومسلم، وأن ما خرج عن البخاري ومسلم فإنه ليس بصحيح، ولذلك صاروا يشمتون برواة الآثار كما يقول، فيقول: أنتم عندكم الأحاديث الصحيحة ليش تشتغلون بالسنن؟ وأما هذه الألوف من الأحاديث التي عندكم فكلها ضعيفة لا وزن لها ولا اعتبار، فكان ينبغي عليكم أن تشتغلوا بعلوم أخرى غير علم الحديث.
¥