تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصحيح أن شروط الحديث الصحيح الخمسة مُجْمَع عليها ومتفق عليها بين أئمة الحديث، وهذا الذي يترجح عندي والله أعلم؛ أن خلاف المحدثين في التصحيح لا يرجع إلى اختلاف في الشروط، وإنما إلى الاختلاف في وجود هذه الشروط من عدم وجودها. أما الشروط فقد اتفق أئمة الحديث على اشتراط هذه الشروط؛ فالقول الأخير إذن يكون غير صحيح.

من يقول بأنه يقصد الأئمة الذين سُمُّوا، نحن نجد أحاديث انتقدها ابن معين وانتقدها أبو حاتم وانتقدها أبو زرعة وهي موجودة في " صحيح مسلم "، ممكن يقول واحد: لعله مثلًا انتقدها بعد أن رأى " صحيح مسلم ". لكن هذا مستبعد في الحقيقة ليس بأمر قريب، بل الأقرب أن الإمام مسلم يقصد معنى آخر.


الذي يظهر لي أن الإمام مسلم قصد بهذه العبارة معناها السهل الواضح بعيد كل البعد عن المعنى الأصولي، وهو: أنه لا يعرف خلافًا في قبول هذه الأحاديث، أنه أخرج الأحاديث التي لا يَعرف هو فيها خلافًا، فهو يُخبر حسب ما يعرف، ولذلك حديث أبي هريرة يرى أنه صحيح لكن ما أخرجه لأنه يعرف أن غيره يخالفه فيه ويضعفه، والأحاديث التي لا يعرف فيها خلافًا هي التي أخرجها في صحيحه، وقد يشير إلى ذلك القصة الصحيحة التي يأتي ذكرها بلفظها أنه عرض صحيحه على أبي زرعة فما أشار عليه أبو زرعة بأنه منتَقد حَذَفَهُ،وإِنْ كان في هذه القصة لا إشكال فيها؛ لأننا ذكرنا أن أبا زرعة انتقد أحاديث وهي موجودة في " صحيح مسلم "، لكن لعل أبا زرعة استعرض الصحيح استعراضًا سريعًا كما هو بادي النظر في القصة أن مسلمًا آتاه وعرض عليه الصحيح ولنفترض أنه بقي عنده يومًا أو يومين فلعله استعرضه استعراضًا سريعًا، فنبهه على بعض الأحاديث فضرب عليها مسلم، ولا يلزم من ذلك أن يكون أبو زرعة درس الكتاب دراسة مستقصية وكاملة وأنه فَلَّ الكتاب من أوله إلى آخره، القصة ليس فيها ما يثبت أنه جرد الكتاب من أوله إلى آخره بالتتبع وأن كل ما انتقده هو كل المنتَقَد عنده.
فوجود أحاديث ينتقدها أبو زرعة موجودة في " صحيح مسلم " لا يعارِض القصة الثابتة الصحيحة من عَرْضه لهذا الكتاب الصحيح على الإمام أبى زرعة.
ما دام نتكلم عن شرط الصحيح، ومن شرط الصحيح عدالة الرواة وضبطهم، فسنتكلم عن شرط الإمام مسلم في الرواة:
وسبق أن ذكرنا شرط الإمام البخاري أن يُخرج للطبقة الأولى والثانية، وقلنا إن المقصود بالطبقة الأولى والثانية - كما ذكر الحازمي - هم الرواة الذين عُرِفوا بالضبط الكامل والإتقان والحفظ، وعرفوا أيضًا بملازمة الشيوخ الذين رَوَوْا عنهم ملازمة طويلة؛ هذه الطبقة الأولى، وهم الشرط الأعلى للبخاري.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير