تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبذلك تَعْرِف بالفعل أن هذه الشروط الثلاثة التي ذكرتها لكم أنها تحل إشكال رواية المبتدع في الصحيحين، ولا ينحل هذا الإشكال إلا بهذه الشروط الثلاثة؛ من قال بأنه داعية أو قال كذا أو الشروط التي ذكرها الحافظ ابن حجر وحده؛ هذه كلها تُبقي في المسألة إشكالًا، لأنهم قد أخرجوا لبعض الدعاة، قد أخرجوا أحاديث تؤيد البدعة، فلا بد أن نُقَيِّد بأن المقصود بالمبتدع هو المعانِد، وأن نُقَيد بأن الرواية التي تُرد للمبتدع أنها تكون منكرة تؤيد البدعة، طبعًا ولذلك تفاصيل ليس هذا وقت ذكرها.

وبذلك ننهي من قضية شرط الرواة التي هي العدالة والضبط.

ونقف الآن مع " شرط انتفاء العلة ".

لا شك أن انتفاء العلة شرط عند مسلم وغيره، وللإمام مسلم كتاب اسمه " التمييز" كله بناه على بيان أن العلل الخفية تقدح في صحة الحديث، وهو كتاب طُبِعَتْ قطعة مباركة منه طيبة لأن الباقي في حكم المفقود، وملأ الكتاب بذكر أحاديث مُعَلَّة، وبَيَّنَ أنها بسبب هذه العلل رُدت، وبعضها مِن رواية مَن الأصل فيه القبول، يعني أسانيد في ظاهرها الصحة، لكن لكون الراوي أخطأ أو وَهِمَ - بأدلة الخطأ أو الوهم المختلفة التي يذكرها الإمام مسلم في هذا الكتاب الجليل له - رَدَّها، فلا شك أن اشتراط العلة عند مسلم وارد.

وقد بَيَّنَ مسلم أن له منهجًا خاصًّا في كتابه بخصوص العلل، وله عبارة لا بد أن نقف منها، وهي قوله في مقدمة " الصحيح ".

يقول الإمام مسلم في مقدمة صحيحه:


" قَدْ شَرَحْنَا مِنْ مَذْهَبِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِهِ بَعْضَ مَا يَتَوَجَّهُ بِهِ مَنْ أَرَادَ سَبِيلَ الْقَوْمِ وَوُفِّقَ لَهَا وَسَنَزِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى شَرْحًا وَإِيضَاحًا فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْكِتَابِ عِنْدَ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمُعَلَّلَةِ "
فظاهر هذه العبارة أنه سيذكر أخبارًا معللة في كتابه.
ثم يقول: " إِذَا أَتَيْنَا عَلَيْهَا فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي يَلِيقُ بِهَا الشَّرْحُ وَالْإِيضَاحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى "
هذه العبارة ظاهرها أنه سيذكر أحاديث مُعَلَّة ويبين عللها في كتابه.
اختلف بعض أهل العلم في هذه العبارة:
فذهب الحاكم والبيهقي وبعض من تابعهما إلى أن الإمام مسلمًا توفي قبل أن يتمم هذا المشروع، وأنه لما أخرج الأحاديث الصحيحة وكان يريد أن يتمم الكتاب ويذكر القسم الثاني وهو الأحاديث المعلَّة اخْتَرَمَتْهُ المنية فلم يستطع أن يُكْمِل هذا المشروع الذي ذكره.
وذهب آخرون من أهل العلم وعلى رأسهم أبو مسعود الدمشقي صاحب كتاب " أطراف الصحيحين "، والقاضي عياض، والنووي، وجمع كبير ممن جاء بعدهم، إلى أن مسلمًا قد وَفَّى بهذا الشرط، وأنه قد أخرج أحاديث مُعَلَّة وبَيَّنَ عللها في " الصحيح ".
الحمد لله أن مسألة الخلاف في كتاب موجود بين أيدينا حتى نستطيع أن نرجح، لو أن الكلام كان في كتاب مفقود لَمَا استطعنا أن نُرَجِّح، لكن كتاب مسلم موجود.
هل أخرج مسلم أحاديث وأعلها بالكتاب؟
لا شك أنه قد أخرج أحاديث وأَعَلَّها بالكتاب، وسنذكر الآن الأدلة الدالة على هذا الأمر.
أولًا: صرح مسلم ببعض العلل في صحيحه، ولا بأس أن نذكر بعض الأرقام وترجعون إليها أنتم الآن إن شاء الله أو في أي وقت.
فمثلًا الأحاديث التي صرح مسلم ببعض الأخطاء والعلل فيها في صحيحه:
الحديث رقم [711]، والحديث رقم [450]، والحديث رقم [1471].

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير