تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قد حذف هذه الأحاديث من النسخة الأخيرة التي رواها إبراهيم بن محمد بن سفيان، ونعود بذلك إلى أن الإمام مسلم لعله مثل البخاري؛ كان يُنَقِّح في كتابه ويُعَدِّل في كتابه خلال فترات عُمُره بعد أن أَلَّفَ الكتاب، وهذا يعود يُذَكِّرُنا بقضية نَفْي أن مسلمًا تُوفي واخْتَرَمَتْهُ المنيةُ؛ الرجلُ صار يُنَقِّح ويُعَدِّل في كتابه، فما أَبْعَدَ ذلك القول من الصواب!

مما انتقدوا أحاديث مسلم في " صحيحه " ابنُ حزم:

حيث ألف جزءًا صغيرًا جدًّا في حديث انتقده على مسلم وحديث آخر انتقده على البخاري، أما حديث مسلم الذي انتقده ابن حزم في هذا الجزء هو حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قول أبي سفيان بن حرب للنبي (: ?? يَا نَبِيَّ اللهِ. ثلاث أَعْطِينِهِن، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ؛ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ أُزَوِّجُكَهَا، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَمُعَاوِيَة تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَتُؤَمِّرُنِي حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارِ كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: نَعَمْ ??.


رَدَّه ابن حزم بأن أم حبيبة للاتفاق والإجماع أن النبي عليه الصلاة والسلام قد تزوجها ودخل عليها قبل إسلام أبي سفيان، فكيف يقول له: أزوجك ابنتي؟! وأن هذا بعد إسلامه؟! يقول: هذا يدل على أن هذا الحديث غير صحيح، وحكم عليه بالبطلان وبالوضع، لكن بعض أهل العلم دافع عن هذا الحديث وقالوا: لعل مراده أن يجدد العقد، وأن النبي عليه الصلاة والسلام رضي بذلك تطييبًا لخاطره؛ لأن العرب تَأْنَف من أن تتزوج بناتها دون إذنها، وأبو سفيان كان سيدًا من سادات قريش، فأَحَبَّ أن يمحو هذا العار عن نفسه أن ابنته تزوجها النبي عليه الصلاة والسلام دون إذنه، فبعد إسلامه أراد أن يجدد العقد وكأنه زوجها برضاه وبقبوله.
على كل حال هذا التوجيه قبلناه أو لم نقبله، المسألة هينة في ذلك، وإن كان قبوله في الحقيقة له وجه؛ لأن ظاهر الإسناد الصحة، والحديث في إسناده مجال للنقد، فما دام له توجيه صحيح هذا المقصود، والحمد لله رب العالمين.
الحديث الثاني في " صحيح مسلم " وفي " صحيح البخاري " هو حديث شريك بن أبي نَمِر الذي ذكرناه سابقًا في الإسراء، انتقده ابن حزم على البخاري، ولم ينتقده على مسلم! وهنا نقف، لماذا لم ينتقده على مسلم مع أن مسلمًا أخرج إسناده وطرف المتن؟! لأنه فَهِمَ ابنُ حزم أن إخراج مسلم له إنما كان من أجل أن يبين علته، ولذلك ما اعتبره حديثًا منتقدًا على مسلم، وإنما اعتبره حديثًا منتقدًا على البخاري، مع أن الحافظ يقول: إن البخاري أخرجه أيضًا ليبين علته، فانظر! كيف مواقف العلماء من هذه المسائل لتعرف أن المسألة ليست بالأمر الهين، استخراج الحديث الذي أُخرج لبيان العلة يحتاج إلى دراسة واستقصاء وتَأَنٍّ ونظر دقيق في المسألة.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير