وأما تصحيح الحاكم لمثل هذا الحديث وأمثاله فهذا مما أنكره عليه أئمة العلم بالحديث وقالوا: إن الحاكم يصحح أحاديث موضوعة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث. ولهذا كان أهل العلم بالحديث لا يعتمدون على مجرد تصحيح الحاكم).انتهى كلامه
قلت:و لكن الإمام الذهبي وثق يوسف هذا فقال:
يوسف بن أبي بردة سمع أباه وعنه إسرائيل وسعيد بن مسروق ثقة د ت ق (الكاشف ج 2 ص 399)
و قال ابن أبي حاتم في علل الحديث (ج 1 ص 43):سمعت أبي يقول أصح حديث في هذا الباب يعني في باب الدعاء عند الخروج من الخلاء حديث عائشة يعني حديث اسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة.
وهذا مما يكون قد بعث في نفس الشيخ الإطمئنان لتصحيح الحديث.
كما أن من منهج الشيخ -رحمه الله تعالى - أن يصحح للمجهول و أن و ثقه ابن حبان إذا روى عنه جمع ولم ينكر عليه حديثه. و قد سبقه لذلك الحافظان الذهبي و ابن حجر. قال رحمه الله:في معرض رده على من تكلم على تصحيحه لحديث العجن (تمام المنة - (ج 1 / ص 204 - 206): .... فهو يتوهم أن كل من وثقه ابن حبان فهو مجهول إما عينا وإما حالا وهنا يكمن خلطه وخطؤه الذي حمله على القول (ص 56) بأنني جاريت ابن حبان في مسلكه المذكور
والآن أقدم الشواهد الدالة على صواب مسلكي وخطئه فيما رماني به من أقوال أهل العلم
1 - قال الذهبي في ترجمة مالك بن الخير الزبادي: " محله الصدق. . روى عنه حيوة بن شريح وابن وهب وزيد بن الحباب ورشدين
قال ابن القطان: هو ممن لم تثبت عدالته. . يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة. . والجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح " تمام المنة - (ج 1 / ص 205)
وأقره على هذه القاعدة في " اللسان " وفاتهما أن يذكرا أنه في " ثقات ابن حبان " (7/ 460) وفي " أتباع التابعين " كالهيثم بن عمران هذا وبناء على هذه القاعدة - التي منها كان انطلاقنا في تصحيح الحديث - جرى الذهبي والعسقلاني وغيرهما من الحفاظ في توثيق بعض الرواة الذين لم يسبقوا إلى توثيقهم مطلقا فانظر مثلا ترجمة أحمد بن عبدة الآملي في " الكاشف " للذهبي و " التهذيب " للعسقلاني.
وأما الذين وثقهم ابن حبان وأقروه بل قالوا فيهم تارة: " صدوق " وتارة: " محله الصدق " وهي من ألفاظ التعديل كما هو معروف فهم بالمئات فأذكر الآن عشرة منهم من حرف الألف على سبيل المثال من " تهذيب التهذيب " ليكون القراء على بينة من الأمر: 1 - أحمد بن ثابت الجحدري
2 - أحمد بن محمد بن يحيى البصري
3 - أحمد بن مصرف اليامي
4 - إبراهيم بن عبد الله بن الحارث الجمحي
5 - إبراهيم بن محمد بن عبد الله الأسدي
6 - إبراهيم بن محمد بن معاوية بن عبد الله
7 - إسحاق بن إبراهيم بن داود السواق
8 - إسماعيل بن إبراهيم البالسي
9 - إسماعيل بن مسعود بن الحكم الزرقي
10 - الأسود بن سعيد الهمداني
كل هؤلاء وثقهم ابن حبان فقط
وقال فيهم الحافظ ما ذكرته آنفا من عبارتي التوثيق ووافقه في ذلك غيره من الحفاظ في بعضهم وفي غيرهم من أمثالهم.
ومن عادته أن يقول في غيرهم ممن وثقهم ابن حبان ممن روى عنه الواحد والاثنان: " مستور " أو: " مقبول "
كما حققته في موضع آخر
فأخشى ما أخشاه أن يبادر بعض من لا علم عنده إلى القول: إن الحافظ قد جارى ابن حبان في تساهله في توثيق المجهولين كما قال مثله مؤلف " الجزء في كاتب هذه السطور " لأنه لا يعرف - ولو تقليدا - الفرق بين راو وآخر ممن وثقهم ابن حبان وحده إن عرفه لم يدرك وجه التفريق المذكور وهو ما كنت أشرت إليه في تقوية الهيثم بن عمران راوي حديث العجن ونقله المؤلف المشار إليه في " جزئه " بقوله (ص 58)
" إنه جعل رواية أولئك الخمسة عنه سببا لاطمئنان النفس لحديثه. انتهى
و الله تعالى أعلم
ـ[ابوعلي النوحي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 11:25 م]ـ
أحسن الله إليك
و كذلك الشيخ العلوان حفظه الله يرجح قبول توثيق ابن حبان للمجهول إذا روى عنه اثنان فصاعدا ولم يأتِ بما ينكر من حديثه.
وقال حفظه الله: فلا داعي لطرح حديثه بل طرح حديثه في هذه الحالة تحكم بغير دليل.
و هذه القاعدة قد تكلم عنها الشيخ سعد الحميد بكلام نفيس ليس عندي الآن لكن لعلي أجمعه قريباً.