تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فنجاسة بول الآدمي ووجوب غسله كُلّ ذَلِكَ متيقن بهذه الأحاديث، وتخصيص بول الصبي الَّذِي لَمْ يأكل الطعام بالنضح متيقن بحديث أم قيس بنت محصن، وما عدا ذَلِكَ مشكوك فِيهِ، فَلاَ يترك اليقين للشك.

والاكتفاء بالنضح في التطهير من بول الرضيع خصه أحمد وجمهور الشافعية بالصبي الَّذِي لَمْ يأكل الطعام، أما بول الصبية فَلاَ يجزئ فِيهِ إلا الغسل (51).

أما الشَّافِعيّ نَفْسه فَقَدْ نَصَّ عَلَى جواز الرش عَلَى بول الصبي مَا لَمْ يأكل الطعام، واستدل عَلَى ذَلِكَ بالحديث، ثُمَّ قَالَ: ((وَلاَ يبين لي في بول الصبي والجارية فرق من السُّنَّة الثابتة، وَلَوْ غسل بول الجارية كَانَ أحب إليَّ احتياطاً، وإن رش عَلَيْهِ مَا لَمْ تأكل الطعام أجزأ، إن شاء الله تَعَالَى)) (52).

وَقَدْ ذكر النَّوَوِيّ – رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى – أَنَّهُ لَمْ يذكر عن الشَّافِعيّ غَيْر هَذَا (53)، وَقَالَ البَيْهَقِيّ: ((والأحاديث المسندة في الفرق بَيْنَ بول الغلام والجارية في هَذَا الباب إذَا ضُمَّ بعضها إلى بَعْض قويت، وكأنها لَمْ تثبت عِنْدَ الشَّافِعيّ – رَحِمَهُ اللهُ – حِيْنَ قَالَ:

((وَلاَ يتبين لي في بول الصبي والجارية فرق من السُّنَّة الثابتة)) (54).

وقول الشَّافِعيّ هَذَا مرويٌّ عن النخعي، وَهُوَ رِوَايَة عن الأوزاعي، ووجه لبعض الشافعية، ووصفه النَّوَوِيّ: بأنه ضَعِيْف (55).

وهنا يأتي دور حَدِيث عَلِيّ رضي الله عنه ومثله حَدِيث أبي السمح رضي الله عنه خادم النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، فهي أحاديث ثابتة، وَقَدْ فرقت بَيْنَ بول الصبي وبين بول الصبية.

وَقَدْ ثبت هَذَا عِنْدَ أحمد؛ لِذلِكَ أخذ بِهِ وفرق بَيْنَهُمَا فِي الحكم، أما الشَّافِعيّ فَقَدْ صرح بأنه لَمْ يثبت عِنْدَهُ من السُّنَّة مَا يفرق بَيْنَهُمَا؛ لِذلِكَ رأى أن النضح يكفي فِيْهِمَا

- وإن كَانَ الأحب إليه غسل بول الصبي احتياطاً -؛ وَلَوْ ثبت عِنْدَ الشَّافِعيّ هذِهِ الأحاديث لأخذ بِهَا، فهذا هُوَ شأنه وشأن الفُقَهَاء كافة لا يتخطون السُّنَّة الثابتة عندهم إلى غيرها، مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عندهم معارض؛ ولذلك أطبق أصحاب الشَّافِعيّ عَلَى الفرق في الحكم بَيْنَ بول الصبي والصبية لما ثبتت عندهم هذِهِ الأحاديث (56).

...............................................

() جامع التِّرْمِذِي عقب حَدِيث (610).

(2) التلخيص الحبير طبعة العلمية 1/ 187، وطبعة شعبان 1/ 50.

(3) هُوَ معاذ بن هشام بن أبي عَبْد الله الدستوائي، البصري، وَقَدْ سكن اليمن، (صدوق رُبَّمَا وهم)، مات سنة مئتين، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة. التقريب (6742).

(4) هُوَ هشام بن أبي عَبْد الله:سَنْبَر – بمهملة ثُمَّ نون موحدة، وزن جَعْفَر –، أبو بَكْر البصري الدستوائي، (ثِقَة، ثبت)، مات سنة مئة وأربع وخمسين، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة. الطبقات لابن سعد 7/ 279 - 280، وتذكرة الحفاظ 1/ 164، والتقريب (7299).

(5) هُوَ أبو حرب بن أبي الأسود الديلي، البصري، (ثِقَة)، قِيلَ: اسمه محجن، وَقِيلَ: عطاء، مات سنة ثمان ومئة، أخرج حديثه مُسْلِم وأصحاب السُّنَن الأربعة. التقريب (8042).

(6) هُوَ أَبُو الأسود الديلي – بكسر المُهْمَلَة وسكون التحتانية –، ويقال: الدؤلي 0 بالضم بعدها

همزة مفتوحة –، البصري، اسمه: ظالم بن عَمْرو بن سُفْيَان، ويقال: عَمْرو بن ظالم، ويقال: بالتصغير فِيْهِمَا، ويقال: عَمْرو بن عُثْمَان، أو عُثْمَان بن عَمْرو: (ثِقَة، فاضل، مخضرم)، مات سنة تسع وستين، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة. التقريب (7940).

(7) هذِهِ الرِّوَايَة أخرجها: أحمد 1/ 97 و 137، وأبو دَاوُد (378)، وابن ماجه (525)، والترمذي (610)، وَفِي علله الكبير (38)، والبزار (717)، وأبو يعلى (307)، وابن خزيمة (284)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 92، وابن حبان (1372)، وطبعة الرسالة (1375)، والدارقطني 1/ 129، والحاكم 1/ 165 - 166، والبيهقي 2/ 415، والبغوي (296).

(8) البحر الزخار 2/ 295.

(9) هو أبو سهل التميمي العنبري عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد، توفي سنة (207 ه‍).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير