ورواية عبد الله بن أحمد في زوائد الفضائل واهية, فيها سعيد بن محمد الوراق , قال فيه الذهبي: واه, وقال مرة: ضعفوه بمرة. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. ولينه أحمد وتكلم فيه بشيء. فلم يبق لابن الأزرق متمسك لتحسين هذا المنام.
الدليل الخامس
عمل الأئمة بالمنامات
قلت: قال الإمام مالك رضي الله عنه:
(ليس أحد بعد النبي ? إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي?) الجامع لابن عبد البر (2/ 91)
ـ الإمام الحسن البصري
ساق خبرا عن الحسن يثبت فيه الإمام الساعة التي يستجاب فيها للعبد يوم الجمعة بمنام.
قلت: إسناد الخبر عند عبد الرزاق هكذا: (عن معمر قال: أخبرني من سمع الحسن يقول: ... ) وظاهر جدا أن في الإسناد إبهاما, وله حكم الانقطاع, فالخبر ضعيف لا يثبت به شيء. والمعروف عن الحسن أنه اختار كون ساعة الإجابة ما بين خروج الإمام إلى أن تقام الصلاة رواه عنه ابن المنذر.وروى عنه أيضا أنها حين تقام الصلاة حتى يقوم الإمام في مقامه. وما رأيت أحدا نسب إليه ما ورد في قصة المنام!
ـ الإمام يحيى بن معين
ذكر أن يحيى بن معين أقام بالمدينة أياما ثم خرج منها فسمع هاتفا يقول له: أترغب عن جواري فرجع وبعد أيام مات بها.
قلت: ليس في الخبر أنه صدق بالمنام أو لا, ليس فيه سوى أخذه بما فيه , ذلك لأن قصد المدينة للإقامة فيها والموت بها مشروع. ومع هذا فإن في القصة نكارة ,فقد قال الخطيب في التاريخ (14/ 186): (الصحيح أن يحيى توفي في ذهابه قبل أن يحج, أخبرني الحسن بن محمد الخلال حدثنا يوسف بن عمر (الزاهد) القواس حدثنا حمزة بن القاسم (ابن عبد العزيز أبو عمر الهاشمي) حدثنا عباس هو الدوري قال: مات يحيى بن معين بالمدينة أيام الحج قبل أن يحج وهو يريد مكة) , وهذا إسناد صحيح, رجاله أئمة ثقات. ورواية ابن الأزرق في كتابه تذكر أنه حج ثم دخل المدينة ثم خرج منها ثم عاد إليها.
وذكر الذهبي في السير (11/ 90) ما يزيد من وهن قصة المنام فقال: (قال مهيب بن سليم البخاري حدثنا محمد بن يوسف البخاري الحافظ قال: كنا في الحج مع يحيى بن معين, ودخلنا المدينة ليلة الجمعة, ومات من ليلته).ورواية ابن الأزرق تذكر أنه توفي بعد دخولها بيومين أو ثلاثة.
ـ الإمام عبد الله بن كثير المقرئ
ذكر أنه رأى النبي ? في المنام وهو يقرأ (وَجِبْرِيلَ وَمِيكَال) (البقرة: من الآية98) فقال: فلا أقرأهما إلا هكذا يقول: بغير همز.
قلت. وهذا دليل آخر على عقلية هذا الولد, حيث جعل المنامات من طرق رواية القراآت. فلا حول ولا قوة إلا بالله. ومع ذلك فإني أقول لابن الأزرق: لا حجة لك في هذا, فإن الأخذ بالمنام اسئناسا في أمر مباح مباح, وابن كثير لم ينكر القراآت الأخر, إنما اختار واحدة منها بالمنام ولا محذور في ذلك. هذا على فرض صحة الخبر عنه فإن في إسناده شيئا. وهو هكذا: حدثنا أبو يعقوب حدثني محمد بن صالح (المدني الأزرق القارئ) حدثني شبل بن عباد عن عبد الله بن كثير قال: ...
وشبل بن عباد هو المكي المقرئ المعروف, ومحمد بن صالح هو المدني الأزرق القارئ ,ذكره ابن حبان في الثقات وضعفه , قال الذهبي في الميزان: (قال ابن حبان:لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ,وقال غير ابن حبان: لا بأس به).ولذلك قال ابن حجر في التقريب: (مقبول) , أي عند المتابعة كما هو معروف من اصطلاح الحافظ. ولم يتابع على هذه القصة على حد علمي وأبو يعقوب لا يعرف, والله أعلم.
ـ الإمامان علي بن مسهر وحمزة الزيات
ذكر رواية مفادها أن حمزة الزيات رحمه الله رأى في المنام أنه عُرض على النبي ? حديث أبان بن عياش فلم يعرف منه إلا شيئا يسيرا, فقال حمزة وعلي: فتركنا الحديث عنه.
قلت: إن كان يقصد ابن الأزرق الاحتجاج بهذا على جواز التصحيح والتضعيف بالرؤى والكشف فقد كشف عن مستوى عقله إن كان عنده. وقد رجعت إلى شرح النووي على مسلم فوجدت له كلاما كأنه الذهب السبيك, فأحببت نقله هنا نصيحة, وليعلم القارئ من هو ابن الأزرق.
¥