السبب الثالث: قد يكون الراوي فيه ضعف في حفظه لكنه متقن لرواية شيخ من شيوخه مثل حماد بن سلمة فإنه لم يخرج مسلم إلا رواياته عن المشهورين نحو ثابت البناني وأيوب السختياني وذلك لكثرة ملازمته ثابتا وطول صحبته إياه حتى بقيت صحيفة ثابت على ذكره وحفظه بعد اختلاطه كما كانت قبل الاختلاط. وأما أحاديثه عن آحاد البصريين فإن مسلما لم يحرج منها شيئا لكثرة ما يوجد في رواياته عنهم في الغرائب وذلك لقلة ممارسته لحديثهم.
السبب الرابع: نجد أن مسلما انتقى صحيحه من ثلاث مئة ألف حديث، فقد يثبت الحديث عنده من طريق نازل، فيختار طريقا عاليا وإن لم يكن رجاله في الغاية من الحفظ. وهذا معنى رد مسلم على شيخه أبي زرعة عندما قال عن مسلم: هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه فعملوا شيئا يتسوقون به. ألفوا كتابا لم يسبقوا إليه ليقيموا لأنفسهم رياسة قبل وقتها. وأتاه رجل بكتاب الصحيح من رواية مسلم فجعل ينظر فيه فإذا حديث عن أسباط بن نصر، فقال أبو زرعة: ما يعد هذا من الصحيح! يدخل في كتابه أسباط بن نصر؟! ثم رأى في الكتاب قطن بن نسير فقال: وهذا أطم من الأول، قطن بن نسير وصل أحاديث ثابت جعلها عن أنس، ثم نظر فقال: يروي عن أحمد بن عيسى المصري في كتاب الصحيح؟! قال أبو زرعة: ما رأيت أهل مصر يشكون في أن أحمد بن عيسى- وأشار أبو زرعة إلى لسانه كأنه يقول الكذب ... ثم قال الراوي وهو أبو عثمان بن سعيد بن عمرو: فلما رجعت إلى نيسابور في المرة الثانية ذكرت لمسلم بن الحجاج إنكار أبي زرعة عليه وروايته في كتاب الصحيح عن أسباط بن نصر وقطن بن نسير وأحمد بن عيسى المصري. فاقل مسلم: إنما قلت صحيح، وإنما أدخلت من حديث أسباط بن نصر وقطن وأحمد ما قد رواه الثقات عن شيوخهم إلا أنه ربما وقع إلي عنهم بارتفاع، ويكون عندي من رواية من هو أوثق منهم بنزول فأقتصر على أولائك وأصل الحديث معروف من رواية القات.
السبب الخامس: وهو خاص بأهل الاختلاط كعبدالرزاق وابن أبي عروبة وأحمد الوهبي، فإن مسلما روى عنهم قبل اختلاطهم. فقد سئل مسلم عن سبب روايته عن أحمد بن عبدالرحمن الوهبي فقال: إنما نفموا عليه بعد خروجي من مصر.
والخلاصة مما تقدم أن رواية مسلم عن رجل لا يعتبر توثيقا له وأن هذا هو الذي عليه جمهور المحدثين.
فتبين مما سبق أن جمهور العلماء يأخذون ما في صحيح مسلم ولا يعلون أسانيده بالانقطاع لتلقي الأمة له بالقبول ولأن مسلما رحمه الله كان ينتقي من أحاديث المدلسين ما ثبت عنده أنه متصل. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[30 - 08 - 06, 04:13 م]ـ
أتمنى أن أجد فرصة لتتبع الروايات التي انفرد بروايتها أبو الزبير عن جابر في صحيح مسلم
ولم يرد لها شاهد
حتى نعلم أثر الخلاف في المسألة
ـ[القرشي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 08:24 ص]ـ
بحث قيم
ـ[أبو صالح الراجحي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 06:38 ص]ـ
بحث قييم
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[01 - 09 - 06, 12:44 م]ـ
بحث قيم أخى الحبيب.
و لكن لى سؤال، إذا كان إخراج مسلم للحديث لا يعد توثيقا لرجاله، فهل هذا ينسحب أيضا على صحيح البخارى؟
فى مكالمة هاتفية مع الشيخ أحمد شحاته، أذكر أنه قال " فى البخارى 105 نفس من المجاهيل "؟ فأسأل هل إخراج البخارى لهم لا يعد توثيقا؟ فإن كان، فهل نصحح روايتهم من خارج الصحيحين؟ أفيدونا مشكورين.
و سؤال آخر: إذا كان مسلم قد أقر أنه قد يخرج عن الضعفاء لعلو الإسناد ما دام الحديث ثابتا من رواية الآخرين، فما توجيه كلامه فى المقدمة من أنه لا يخرج إلا عن الثقات من أهل الحفظ و الإتقان، ثم عمن هم أقل منهم إلا أنهم فى الجملة مستورين بالصدق و العدالة؟
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[06 - 09 - 06, 06:27 م]ـ
أخي الكريم القرشي
شكر الله لك لطفك ..
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[07 - 09 - 06, 03:53 م]ـ
شكر الله لك أخي الراجحي ثناءك.
وأما استفسار الأخ محمد البيلي
فكون الإمام البخاري رحمه الله روى عن مجاهيل لم يوثقهم أحد من الأئمة محل نظر ويحتاج إلى تثبت، فلعلك تفيدنا في هذا ..
وأما قول الإمام مسلم في مقدمته، فإنه عند التطبيق نجد رواة في مسلم ضعفهم بعض الأئمة بإطلاق أو في أحوال، فيكون الراوي ثقة عند مسلم ضعيف عند آخرين، والله أعلم.
ولعل الإخوة الذين سبقونا في علم الحديث لديهم ما يفيد ..
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[09 - 09 - 06, 06:50 م]ـ
أخى الحبيب ابن سعد، جزاكم الله خيرا.
أرجو من الإخوة عدم اعتبار كلامى الذى نقلته عن الشيخ أحمد شحاته، كلام يقينىّ، لأنى الآن متشكك إن كنت نقلت كلامه كما سمعته أم أن هناك التباس عندى، و لو أن أحدا من تلامذة الشيخ يفيدنا، فجزاه الله خيرا.
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[09 - 09 - 06, 06:52 م]ـ
فى انتظار التتبع والاستقصاء لروايات ابى الزبير فى صحيح مسلم حتى لا يكون الكلام نظريا وبحث ممتع يا استاذ عبد العزيز وهل من معقب من الاخوة واتمنى من الاخوة تعقب روايات المدلسين فى الصحيحين اقصد التى رووها بالعنعنة واريد منكم التعقب لكلامى
¥