تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأسعد الناس بهذا الخبر من قال به وأنه لا نفقة لها ولا سكنى وليس مع رده حجة تقاومه ولا تقاربه

قال بن عبد البر أما من طريق الحجة وما يلزم منها فقول أحمد بن حنبل ومن تابعه أصح وأرجح لأنه ثبت عن النبي نصا صريحا فأي شيء يعارض هذا إلا مثله عن النبي الذي هو المبين عن الله مراده ولا شيء يدفع ذلك ومعلوم أنه أعلم بتأويل قول الله تعالى أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم

وأما قول عمر ومن وافقه فقد خالفه علي وبن عباس ومن وافقهما والحجة معهم ولو لم يخالفهم أحد منهم لما قبل قول المخالف لقول رسول الله فإن قول رسول الله حجة على عمر وعلى غيره

ولم يصح عن عمر أنه قال لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة فإن أحمد أنكره وقال أما هذا فلا

ولكن قال لا نقبل في ديننا قول امرأة وهذا أمر يرده الإجماع على قبول المرأة في الرواية فأي حجة في شيء يخالفه الإجماع وترده السنة ويخالفه فيه علماء الصحابة

وقال إسماعيل بن إسحاق نحن نعلم أن عمر لا يقول لا ندع كتاب ربنا إلا لما هو موجود في كتاب الله تعالى والذي في الكتاب أن لها النفقة إذا كانت حاملا لقوله تعالى وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن وأما غير ذوات الحمل فلا يدل إلا على أنهن لا نفقة لهن لاشتراطه الحمل في الأمر بالإنفاق

آخر كلامه

والذي ردوا خبر فاطمة هذا ظنوه معارضا للقرآن فإن الله تعالى قال أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم وقال لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن وهذا لو كان كما ظنوه لكان في السكنى خاصة وأما إيجاب النفقة لها فليس في القرآن إلا ما يدل على أنه لا نفقة لهن كما قال القاضي إسماعيل لأن الله سبحانه وتعالى شرط في وجوب الإنفاق أن يكن من أولات الحمل وهو يدل على أنها إذا كانت حاملا فلا نفقة لها كيف وإن القرآن لا يدل على وجوب السكنى للمبتوتة بوجه ما فإن السياق كله إنما هو في الرجعية

يبين ذلك قوله تعالى لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وقوله فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وهذا في البائن

مستحيل ثم قال (أسكنوهن) واللاتي قال فيهن فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف قال فيهن أسكنوهن و لا تخرجوهن من بيوتهن وهذا ظاهر جدا

وشبهة من ظن أن الآية في البائن قوله تعالى وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن قالوا ومعلوم أن الرجعية لها النفقة حاملا كانت أو حائلا وهذا لا حجة فيه فإنه إذا أوجب نفقتها حاملا لم يدل ذلك على أنه لا نفقة لها إذا كانت حائلا بل فائدة التقييد بالحمل التنبيه على اختلاف جهة الانفاق بسبب الحمل قبل الوضع وبعده فقبل الوضع لها النفقة حتى تضعه فإذا وضعته صارت النفقة بحكم الإجارة ورضاعة الولد وهذه قد يقوم غيرها مقامها فيه فلا تستحقها لقوله تعالى وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى وأما النفقة حال الحمل فلا يقوم غيرها مقامها فيه بل هي مستمرة حتى تضعه

فجهة الإنفاق مختلفة

وأما الحائل فنفقتها معلومة من نفقة الزوجات فإنها زوجة ما دامت في العدة فلا حاجة إلى بيان وجوب نفقتها

وأما الحامل فلما اختلف جهة النفقة عليها قبل الوضع وبعده ذكر سبحانه الجهتين والسببين وهذا من أسرار القرآن ومعانيه التي يختص الله بفهمها من يشاء

وأيضا فلو كان قوله تعالى وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن في البوائن لكان دليلا ظاهرا على أن الحائل البائن لا نفقة لها لا شتراط الحمل في وجوب الإتفاق والحكم المعلق بالشرط يعدم عند عدمه وأما آية السكنى فلا يقول أحد إنها مختصة بالبائن لأن السياق يخالفه ويبين أن الرجعية مرادة منها فإما أن يقال هي مختصة بالرجعية كما يدل عليه سياق الكلام وتتحد الضمائر ولا تختلف مفسراتها بل يكون مفسر قوله فأمسكوهن هو مفسر قوله أسكنوهن وعلى هذا فلا حجة في سكنى البائن

وإما أن يقال هي عامة للبائن والرجعية وعلى هذا فلا يكون حديث فاطمة منافيا للقرآن بل غايته أن يكون مخصصا لعمومه وتخصيص القرآن بالسنة جائز واقع هذا لو كان قوله (أسكنوهن) عاما فكيف ولا يصح فيه العموم لما ذكرناه وقول النبي لا نفقة لك ولا سكنى وقوله في اللفظ الآخر إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة رواه الإمام أحمد والنسائي وإسناده صحيح

وفي لفظ لأحمد إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير