أي أن رد الإمام ابن دقيق العيد، ليس بذاك الرد القوي المُفصَّل، أمام غلو ابن حزم الزائد في جرح ابن قانع،وحكمه على حديث أبي هريرة، أنه كذب بحت من بلايا عبد الباقي بن قانع.
وكون ابن قانع من كبار الحفاظ، وأكثر عنه الدارقطني، هذا الأمر يشترك فيه بعض الرواة ولا يلزم منه أن يكون من أهل الضبط والثقة.
هذا وقد اختلف في عبد الباقي بن قانع، قال الحافظ متعقباً قول ابن حزم: «تركه أصحاب الحديث جملة».
«قلت: ما أعلم أحداً تركه، وإنما صح أنه اختلط فتجنبوه» () وقول الحافظ يؤيد قول الشيخ سليمان في تعقبه على ابن حزم:
«وابن قانع وإن ضُعف فلا يصل إلى هذا الحد».
وقال حمزة السهمي: «سألت أبا بكر بن عبدان، عن ابن قانع فقال: لا يدخل في الصحيح» ().
وقال الحافظ: «قال ابن فتحون في «ذيل الاستيعاب»: لم أر أحداً ممن يُنسب إلى الحفظ، أكثر أوهاماً منه، ولا أظلم أسانيد، ولا أنكر متوناً، وعلى ذلك فقد روى عنه الجلِةَّ، ووصفوه بالحفظ، منهم أبو الحسن الدارقطني فمن دونه ()» وقال البرقاني: «في حديثه نكرة» (). وقال أيضاً: «هو عندي ضعيف، ورأيت البغداديين يوثقونه» (). وقال الخطيب: «لا أدري لماذا ضعفه البرقاني؟ فقد كان ابن قانع من أهل العلم والدراية،ورأيت عامة شيوخنا يوثقونه، وقد تغير في آخر عمره» ().
قلت: والراجح أن ابن قانع ضعيف لاختلاطه،وكونه يخطئ ويُصر على الخطأ، ولا يصل إلى حد الترك.
وكأن الشيخ سليمان يميل إلى تضعيفه دون ترك حديثه.
ثالثاً: تعقبه على بعض الشيعة الغلاة في طعنه على الإمام الذهبي بأنه يتعمد في (الميزان) تضعيف ما ورد في فضائل علي رضي الله عنه، وتصحيح ما ورد في فضائل غيره.
قال الإمام الذهبي: «عَبَّاد بن سعيد الجُعفِي، قال: حدثنا محمد ابن عثمان بن بهلول، حدثنا صالح بن أبي الأسود، عن ابي المطهر، عن الأعشى الثقفي، عن سَلاَّم الجُعفي، عن أبي برزة مرفوعاً:
«إن الله عهد إليَّ في علي أنه راية الهدى وإمام أوليائي،وهو الكلمة التي ألزمها المتقين، من أحبه أحبني» فهذا باطل، والسند إليه ظلمات» ().
قال الشيعي الغالي متعقباً: «لو ورد في غير علي كرم الله وجهه، لقال صحيح والراوي ثقة، نعوذ بالله من الهوى الذي أضلك وأغوى» ().
قال الشيخ سليمان متعقباً على الشيعي الغالي:
«كذب هذا المُحشي على المصنف، بل المعروف من سيرته وعادته العدل والقول بالحق، والحكم على الحديث بما يقتضيه نقده ونظره، من غير إخلال بالواجب من القول بالحق، فكم من حديث في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، قد حكم بوضعه واختلاقه، كما لا يخفى، ولكن أنت بجهلك وحمقك تريد أن يكون كل ما رُوي في علي رضي الله عنه صحيحاً، من غير نظر إلى جرح أو تعديل، فأنت كما رُوي في الحديث «حُبُّك الشيء يُعْمِي وُيصِمُّ» ().
قلت: صدق الشيخ سليمان في دفاعه عن الإمام الذهبي، وكذب هذا الشيعي الغالي، فكم من حديث في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، قد حكم الذهبي بوضعه واختلاقه، وهذا في كل كتبه، واكتفي هنا بذكر بعض الأمثلة من (ميزان الاعتدال) قال الإمام الذهبي:
«خلف بن عمر الهمداني، عن الزبير بن عبد الواحد الأسدأباذي، متهم، وهو المدائني الخياط أبو بكر، روى عنه أبو منصور مُحتسب همدان، … عن زِرّ بن عبد الله ـ مرفوعاً ـ: «أبو بكر تاج الإسلام وعمر حُلَّة الإسلام، وعثمان إكليل الإسلام،وعلي طِيب الإسلام، وهذا كذب» ().
وقال الإمام الذهبي: «كَادِح بن رحمة الزاهد، قال الأزدي وغيره: كذاب، …سليمان بن الربيع ـ أحد المتروكين ـ حدثنا كَادِح، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الزبير، عن جابر ـ مرفوعاً ـ:
«أبو بكر وزيري، والقائم في أمتي من بعدي، وعمر حبيبي ينطق على لساني، وعثمان مِنِّي، وعلي أخي وصاحب لوائي» ().
وقال الإمام الذهبي: «علي بن صالح بيَّاع الأنماط، لا يُعرف، وله خبر باطل، … عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أئمة الخلافة من بعدي أبو بكر وعمر» المتهم بوضعه علي، فإن الرواة ثقات سواه» ().
وقال الإمام الذهبي: «جعفر بن محمد الأنطاكي، ليس بثقة، قال ابن حبان: وله خبر باطل، متنه: يُبعث معاوية عليه رداء من نور» ().
¥