6 – قال الشيخ: «عثمان بن نَجَيْح،علَّق له البخاري أثراً من روايته عن سعيد ابن المسيب، وروى عنه ابن أبي ذئب،ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم راوياً عنه غيره، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وكذا صنع ابن حبان،وقال: روى عن الحجازيين،ولم يُسمهم، فعلى هذا هو مجهول» ().
قلت: هذه الترجمة وجميع ما ذكر فيها. نقله الشيخ من (تهذيب التهذيب ()) وفيه أخرج له البخاري تعليقاً.
وهو مجهول كما قال الشيخ، وهذا الحكم يفيد بأن الشيخ، لا يرى أن الراوي إذا سكت عنه البخاري في (التاريخ الكبير)، أو ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل)، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، أنه عندهما ثقة مقبول، وهو الصحيح.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذا يعد توثيقاً للراوي، ذهب إلى ذلك صراحة العلامة الحنفي ظفر أحمد العثماني التهانوي، حيث قال:
«كل من ذكره البخاري في «تواريخه» ولم يَطعن فيه، فهو ثقة، فإن عادته ذكر الجرح والمجروحين» وقال أيضاً: «سكوت ابن أبي حاتم أو البخاري عن الجرح في الراوي: توثيق له ()».
وذهب إلى ذلك من المعاصرين الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، بل كتب في ذلك بحثاً وهو: «سكوت المتكلمين في الرجال عن الراوي الذي لم يُجرح،ولم يأت بمتنٍ منكر: يعد توثيقاً له» ().
قلت: يكفي في رد هذا الرأي، وإن كتب فيه بحث، أن البخاري وابن أبي حاتم لم يُصرحا في كتابيهما، أن سكوتهما عن الراوي يعد عندهما ثقة مقبولاً، وعلم الحديث مبني على الاحتياط.
7 – قال الشيخ: «علي بن أحمد المقدسي، عن أحمد بن علي بن سهل المروزي، ذكر ابن حزم أنه مجهول،وكذا شيخه، فقال هما مجهولان» ().
قلت: نقل الشيخ ما ذكره من (التلخيص الحبير) ولم يذكر تسمية المؤلف أو الكتاب،وهذا نص كلام الحافظ في تخريجه لحديث ابن عباس:
«من نَسِيَ من نُسكِه شيئاً أو تَركهُ، فَليُهرِق دماً».
قال الحافظ: «… وأما المرفوع فرواه ابن حزم من طريق علي بن الجعد عن ابن عيينة، عن أيوب به، وأعله بالراوي عن علي بن الجعد: أحمد بن علي ابن سهل المروزي، فقال: إنه مجهول،وكذا الراوي عنه، علي بن أحمد المقدسي،قال: هما مجهولان» ().
وأورد الحافظ في (اللسان) في زيادته على تراجم (الميزان) ترجمة أحمد بن علي بن سهل، المروزي، وقال: «…أورده ابن حزم وقال: أحمد مجهول».
قلت: وهذان الراويان مجهولان كما قال ابن حزم.
وهما مما فاتا مؤلف (تجريد أسماء الرواة الذين تَكلَّم فيهم ابن حزم جرحاً وتعديلاً ())، فيستدرك عليه،وقد ذكر مؤلف (الجرح والتعديل عند ابن جزم الظاهري ()) أحمد بن علي بن سهل المروزي، نقلاً عن (اللسان) ولكن فاته الراوي عنه، علي بن أحمد المقدسي، فيستدرك عليه.
8 – قال الشيخ: «عمر بن أحمد بن نُعيم، أبو حفص وكيل المُتَّقِي، روى عنه الحاكم أبو عبد الله، قال البيهقي: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن نُعيم ـ وكيل المُتَّقِي ببغداد ـ حدثنا أبو محمد عبد الله بن هَلاَّل النَحَوي الضرير، ثنا علي بن عمرو الأنصاري، ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ما جَمَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتَ شعرٍ قط، إلا بيتاً واحداً.
تَفَاءل بما تَهْوَى يَكُنْ، فَلَقَلَّمَا
يُقَال لشيءٍ كان إلا تَحَقَّقَا
قال الحافظ أبو الحجاج المزي: هذا الحديث منكر، وشيخ الحاكم، والضرير: مجهولان» ().
قلت: هذه الترجمة، وما ذكر فيها نقله الشيخ من (تفسير ابن كثير ())،ولم يذكر الشيخ تسمية الكتاب أو المؤلف.
وقد تقدم في المثال التاسع، عند ترجمة الشيخ لـ عبد الله بن هَلاَّل النَحَوِي، تصريحه بالنقل من ابن كثير.
ونقل الشيخ أن المزي قال: «وشيخ الحاكم والضرير مجهولان» ليس بدقيق؛ وذلك أن المزي لم يعرفهما لا أنه حكم عليهما بالجهالة، قال ابن كثير: «… سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي عن هذا الحديث، فقال: هو منكر. ولم يعرف شيخ الحاكم، ولا الضرير» ().
قال شيخنا أبو الحسن المأربي: «معلوم أن قول أحد الأئمة:
«فلان لا أعرفه» الظاهر منه أنه لا يَعرف عينه فضلاً عن حاله، ويكون هذا الراوي مجهولاً عند القائل فقط لا عند غيره، لأن قولهم: «فلان مجهول» أشد جهالة من قول أحدهم: «فلان لا أعرفه» ().
¥