الثالث عشر: وقوف الشيخ على نسخة من (ميزان الاعتدال) عليها خط الحافظ ابن حجر، وأيضاً وقف على نسخة أخرى، عليها خط الحافظ الحسيني، ولا شك أن ما وقف عليه الشيخ، هو تعليق وتذييل الحسيني على (الميزان)، وهو الذي وقف عليه الحافظ ابن حجر، ونقل منه في (اللسان)، وهذه فائدة نفيسة وتدل على حرص الشيخ واهتمامه بتملك، أو استعارة النسخ الفريدة والجيدة من كتب الرجال.
الرابع عشر: اجتهاد الشيخ، في إتمامه لبعض ما سقط من نسخته من (الميزان)، وذلك بعد عرضها ومقابلتها، بنسخ أخرى متميزة.
نقله لروايتين عن ابن معين في توثيق راو ٍ وتضعيفه، ورواية التضعيف قد حكم عليها بعض الحفاظ بالخطأ وكأنه قد خفي عليه ذلك.
قال الإمام الذهبي: «عثمان البَتِّي الفقيه، هو ابن مسلم ثقة إمام، وقيل اسم أبيه أسلم، وقيل سليمان، روى عن أنس بن مالك والشعبي، وعنه شعبة ويزيد بن زريع وابن علية وخلق، وثقه أحمد، والدارقطني، وهو كوفي استوطن البصرة، وجاء عن ابن معين توثيقه، وقال معاوية بن صالح: سمعت يحيى يقول: عثمان البَتِّي ضعيف، ووثقه ابن سعد» ().
قال الشيخ: «قال النسائي في الكنى لما ذكر رواية معاوية بن صالح: «هذا عندي خطأ، ولعله أراد عثمان البُرِّي» ().
قلت: عثمان البَتِّي الفقيه، جاء توثيقه وتصعيفه عن ابن معين، فقد قال الدوري () عن ابن معين: ثقه، وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: «عثمان البَتِّي ضعيف».
والذهبي نقل هنا في (ميزان الاعتدال) رواية الدوري، ورواية معاوية بن صالح، ولم يرجح بينهما أو ينقل حكم الإمام النسائي على رواية معاوية بن صالح. وهكذا فعل في (تذهيب تهذيب الكمال) ()، و (سير أعلام النبلاء) () وقال في (معرفة الرواة المُتكلَّم فيهم بما لا يوجب الرد):
«عثمان البَتِّي ثقة مشهور، اختلف قول ابن معين فيه، وثقه الدارقطني وغيره» ().
وقال في (الكاشف ()): «وثقه أحمد وغيره، و ابن معين في قول»
وقال في (المغني ()): «وثقوه، إلا ابن معين في قول» وقال في (ديوان الضعفاء ()): «صدوق، ضعفه يحيى بن معين».
وهذا فيه تقصير مُخل؛ إذ يُوهم أن ابن معين ضعفه، وليس له رواية أخرى في توثيقه، كما في رواية الدُّوري عنه.
وأما ما جاء في رواية معاوية بن صالح أن يحيى بن معين قال:
«عثمان البَتَّي ضعيف» فهذا خطأ، فقد قال الحافظ ابن حجر:
«قال النسائي في «الكنى»: عثمان البَتَّي، أخبرنا معاوية بن صالح، عن ابن معين، قال: عثمان البَتِّي ضعيف» وقال النسائي: «هذا عندي خطأ، ولعله أراد عثمان البُرِّي ()».
وعثمان البُرَّي هو عثمان بن مِقْسَم البُرِّي، قال الذهبي: «كذَّبه جماعة ()».
وأيضاً مما يُرجح أن ابن معين وثقه ولم يضعفه توثيق الأئمة له، قال الحافظ: «قال أحمد: صدوق ثقة، وقال الدارقطني: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة له أحاديث ()».
وما تقدم من قول الذهبي: «وثقوه إلا ابن معين في قول ()» وقوله: «ثقة مشهور» ().
وأيضاً مما يرجح توثيقه عن ابن معين وعدم تضعيفه، أن رواية الدوري مقدمة على رواية معاوية بن صالح، فهو أكثر ملازمة ومعرفة ليحيى بن معين.
ويلاحظ من خلال النظر في كتب الإمام الذهبي التي نقلت عنها، أنه قد خفي عليه حكم الإمام النسائي، على رواية معاوية بن صالح بالخطأ، وهذا مما يحرص عليه الذهبي.
وبهذا يظهر صواب ما تعقب به الشيخ سليمان، على الإمام الذهبي، وقد استفاده الشيخ من «من تهذيب التهذيب» وإن لم يصرح بتسمية الحافظ وكتابه.
و – تعقبه على الإمام الذهبي في ذكره لراو ٍ من الصحابة، ولا وجه لذكره، حيث قد خالف ما شرطه في كتابه من عدم ذكر الصحابة.
قال الذهبي: «عُجَيْر بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب المُطَّلِبي، أخو رُكَانة، قيل له صحبة، وله حديث عن علي، تفرد عنه ولده نافع» ().
قال الشيخ سليمان: «عُجَيْر، ذكره ابن سعد في مسلمة الفتح، وقال الزبير بن بَكَّار: أطعمه النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين وَسْقاً بخيبر، وقال ابن عبد البر: كان من مشايخ قريش، وممن بعثه عمر لتجديد أعلام الحرم، فعلى هذا لا وجه لذكره» ().
قلت: عُجَيْربن عبد يزيد، أثبت صحبته ابن سعد ()، والحافظ المزي () وابن الأثير ()، وابن عبد البر ()، وابن حجر ().
¥