قال الشيخ سيلمان بن عبد الله: (قوله: عن عمر بن الخطاب. هكذا وقع في الكتاب، وصوابه عن ابن عمر؛ كذلك أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والحاكم، وصححه ابن حبان، وقال الزَّين العراقي في «أماليه» (): إسناده ثقات) ().
قلت: الحديث أخرجه الطيالسي ()، وأحمد ()، وأبو داود ()، والترمذي ()، وابن حبان ()، والحاكم ()، والبيهقي ()، من طرق عن سعد بن عُبيدة:
«أن ابن عمر سَمِعَ رجلاً يقول: لا والكعبة فقال ابن عمر: لا يُحْلَفُ بغير اللهِ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ….» وذكر الحديث.
وإسناده صحيح، وقال الترمذي: «حديث حسن» وقال الحاكم: «صحيح» على شرط الشيخين»، وقال الذهبي: إسناده على شرط مسلم ().
لكن قد أعلَّه البيهقي بالانقطاع، فقال: «وهذا مما لم يسمعه سعد بن عبيدة من ابن عمر» واستدل على ذلك بما رواه هو في سننه ()، وما رواه أحمد () والطحاوي ()، عن سعد بن عُبيدة قال: كنت جالساً عند عبد الله بن عمر، فجئت سعيد بن المسيِّب، وتركت عنده رجلاً من كِندة، فجاء الكِندي مُرَوَّعاً، فقلت: ما وراءك؟! فقال: جاء رجل إلى عبد الله ابن عمر آنفاً، فقال: أحلفُ بالكعبة؟ فقال: إحلف بربِ الكعبةَ، فإِنَّ عمر كان يَحلفُ بأبيه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تَحْلِف بأبيك، فإنه من حَلَفَ بغير الله أَشرك» ووقع في رواية عند أحمد ()، تسمية الكِندي بـ «محمد» وهو مجهول كما قال أبو حاتم ()،وَيُردُّ على دعوى الانقطاع، ما أَخرجه أحمد ()،من طريق الأَعمش، وابن حبان ()،من طريق الحسن بن عُبيد الله، وهما – ثقتان – عن سعد بن عُبيدة قال: كنت عند ابن عمر فَحَلَف رجل بالكعبة فقال ابن عمر…» وذكر الحديث واللفظ لابن حبان.
فهذه الرواية الصحيحة صريحة في سماع سعد هذا الحديث من ابن عمر، وأيضاً لا يبعد رجوع سعد لابن عمر وسؤاله إياه. وأيضاً سعد غير معروف بالتدليس، فإذا روى بالعنعنة حمل على الاتصال.
وعلى هذا فالحديث صحيح، وقد صححه بعض الأئمة كما سبق، وأيضاً صححه الشيخ الألباني ()، والشيخ جاسم الدوسري ().
ومن خلال تخريج هذا الحديث، يتبين لنا صحة ما تعقب به الشيخ سليمان على شيخ الإسلام، في أنَّ راوي هذا الحديث هو عبد الله بن عمر لا عمر بن الخطاب، ثم استدل الشيخ على ذلك، بأَنَّ هذا هو الذي أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والحاكم.
ويلاحظ أن الشيخ سليمان لمعرفته بقدر أهل العلم الكبار، لم ينسب الوهم مباشرة إلى شيخ الإسلام بل قال: «هكذا وقع في الكتاب» فأتى بهذه العبارة التي قد تفيد أن هذا الوهم ربما وقع من بعض النُسَّاخ، لا من شيخ الإسلام.
وقد نبه الشيخ عثمان بن منصور في شرحه لكتاب التوحيد على هذا الوهم فقال: «هذا الحديث عزوه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهم، ولعل الشيخ رحمه الله وجده معزواً كذلك فنقله كما وجده، وإلاَّ فالحديث عن ابنه عبد الله بن عمر، وهو في خط الشيخ بيده عن عمر» ().
3 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب التوحيد، باب قول: ما شاء الله وشئت، فقال: (ولابن ماجه عن الطُّفَيل أخي عائشة لأُمها قال: رأيت كأَنِّي أتيت على نفرٍ من اليهود، فقلت: إنَّكم لأَنتمُ القومُ لولا أَنَّكم تقولونَ: ما شاء اللهُ، وشاء محمدٌ. ثم مررت بنفرٍ من النصارى فقلت: إنكم لأنتمُ القومُ لولا أنكم تقولون: المسيحُ ابن اللهِ. قالوا: وإنكم لأنتمُ القومُ لولا أنكم تقولونَ: ما شَاءَ اللهُ وشاء محمدٌ …).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الحديث لم يروه ابن ماجه بهذا اللفظ عن الطفيل، إنما رواه عن حذيفة ولفظه: حدثنا هشام بن عمار، هذه رواية ابن عيينة، ثم ذكر ابن ماجه حديث الطُّفَيل هذا، فساق إسناده، ولم يذكر اللفظ، فقال: حدثنا … هذا لفظ ابن ماجه.
وقد تبيَّن أن هذا الحديث المذكورلم يروه ابن ماجه بهذا اللفظ، لكن رواه أحمد، والطبراني، بنحو مما ذكره المصنف) ().
¥