تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومما يدل أيضاً على معرفة أئمة الدعوة لعلم الحديث، هو معرفتهم وقراءتهم على كبار المحدثين في بعض الأمصار، ولهذا عندما سمع بعض أئمة الدعوة بوجود أعلام من المحدثين في بعض الأمصار، عقدوا العزم على الرحلة إليهم، مع ما في هذا من المشقة وبعد الشٌّقَّة، فقد رحل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب إلى المدينة، وقرأ فيها على العلامة المحدث محمد حياة السندي، وأجازه بكتب الحديث ()، ورحل الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن (ت 1319هـ) إلى الهند لطلب علم الحديث والقراءة على كبار المحدثين، قال شيخ مشايخنا سليمان ابن حمدان ـ رحمه الله ـ في ترجمته للشيخ إسحاق بن عبد الرحمن:

«ثم سافر بعد وفاة والده إلى (هندستان) لطلب الحديث في رجب سنة (1309هـ) كما وجدت ذلك بخطه على بعض كتبه، وقال أيضاً: وفي قدومي بلد (بمبي) حضرت مجالس تحتوي على الأدب والغزل وشيء من فنون اللغة، والقلب إذ ذاك متوقد إلى لقاء علماء الحديث الأفاضل، ومشتاق إلى مجالسة الفحول الأماثل. ثم مَنَّ الله بملاقاتهم، فأولهم: السيد نذير حسين، المقيم في بلدة دهلي، قرأت عليه «شرح نخبة الفكر» بالتأمل والتأني، ثم شرعت في

قراءة الصحيحين، وقرأت أطرافاً من الكتب الستة والمشكاة وغيرها، وحصل لي منه السماع والإجازة والقراءة. ثم ارتحلت في رمضان سنة (1309هـ) إلى (بهوبال)، فقرأت فيها على الشيخ حسين بن محسن الأنصاري، وحصل لي منه القراءة والإجازة، وذكر الشيخ حسين في إجازته العامة أنه أخذ من علم الحديث بحظ وافر، … وقال: حضرت عند المولوي سلامة ابن المدرس في (بهوبال) وسمعت منه شيئاً من سنن ابن ماجه وغيرها، وحصل لي منه الإجازة، … وقدمت بلد (كلي شهير) وافداً على الشيخ العالم العامل المحدث، الشيخ محمد الهاشمي الجعفري، سنة (1310هـ) لطلب الحديث، فأول حديث سمعته منه الحديث المسلسل بالأولية، وقال الهاشمي: أجزته أن يروي عني جميع مروياتي، فإنه أهل لذلك» ().

ورحل شيخ شيوخنا العلامة سعد بن حمد بن عتيق (ت 1349هـ) ـ رحمه الله ـ إلى الهند لطلب علم الحديث وملاقاة كبار المحدثين فيه، يقول تلميذه العلامة سليمان بن حمدان: «ثم إنه تاقت نفسه إلى الرحلة في طلب العلم أُسوة بالأئمة الأعلام، فسافر إلى الهند لطلب الحديث والأخذ عن علمائها، فقدم (بهوبال) واجتمع فيها بالعلامة صديق حسن خان، صاحب التفسير المسمى (جامع البيان). وأخذ عن غيره من العلماء المقيمين بأرض الهند، مثل الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليماني، والشيخ نذير حسين، وغيرهما، وقرأ عليهما في علم الحديث، وطلب منهما الإجازة، فأجازاه بما تجوز لهما روايته، كما هو مذكور في إجازته» ().

ورحل أيضاً الشيخ العلامة عبد العزيز بن حمد بن عتيق (ت1359هـ) إلى الهند لطلب علم الحديث، يقول عنه الشيخ عبد الله البسام ـ رحمه الله ـ: «ثم سافر إلى الرياض عدة سنين طويلة، جاداً مجتهداً في طلب العلم على علماء نجد من ذرية الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيرهم. ثم طمحت نفسه إلى طلب علم الحديث من مظانه في ذلك الوقت في (الهند) مع بُعد المسافة، وخوف الطريق وكثرة الأعداء، فسافر إلى الهند وأخذ الحديث الشريف بالأسانيد المتصلة، ومن أجلِّ من روى عنه الحديث، إمام المحدثين في وقته نذير حسين الدهلوي» ().

ورحل أيضاً الشيخ العلامة علي بن ناصر بن وادي ـ رحمه الله ـ

(ت1361هـ) إلى الهند أيضاً لطلب علم الحديث، يقول عنه الشيخ عبد الله البسام ـ رحمه الله ـ: «ثم رحل إلى الهند، ويرافقه في رحلته العلمية الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ،والشيخ فوزان السابق، وشرع في قراءة الحديث على علمائه، ومنهم العلامة المحدث الشيخ نذير حسين في (دلهي) ـ عاصمة الهند ـ فأخذ عنه سند المسانيد، كمسند الإمام أحمد، ومسند الطبراني وغيرهما. ثم رحل من عاصمة الهند إلى بلدة (بهوبال) للأخذ على علاَّمتها السلفي الشيخ صديق حسن…» ().

إن رحلة أهل العلم في نجد إلى بلاد الهند أو غيرها لطلب علم الحديث وملاقاة أهله، لها أثرها على طلبة العلم في منطقة نجد؛ فهي دافع للإلتفات إلى هذا العلم والعناية به.

ومما يدل أيضاً على معرفة أئمة الدعوة لعلم الحديث، تدريس بعضهم لكتب الحديث على طريقة المحدثين لا على طريقة الفقهاء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير