تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وما أحسن ما قاله الأستاذ السلفي محب الدين الخطيب ـ رحمه الله ـ في كلمة له حول هذا: «إن مثل الطبري ومن في طبقته من العلماء الثقات المثبتين ـ في إيرادهم الأخبار الضعيفة ـ كمثل رجال النيابة ـ القضاء ـ الآن إذا أرادوا أن يبحثوا في قضية، فإنهم يجمعون كل ما تصل إليه أيديهم من الأدلة والشواهد المتصلة بها، مع علمهم بتفاهة بعضها أو ضعفه، اعتماداً منهم على أن كل شيء سَيُقدر قَدْره.

وهكذا الطبري وكبار حملة الأخبار من سلفنا، كانوا لا يفرطون في خبر مهما علموا من ضعف ناقله، خشية أن يفوتهم بإهماله شيءٌ من العلم، ولو من بعض النواحي، إلا أنهم يوردون كل خبر معزواً إلى راويه؛ ليعرف القارئ قوة الخبر من كون رواته ثقات، أو ضعفه من كونه رواته لا يُوثق بهم،وبذلك يرون أنهم أدوا الأمانة، ووضعوا بين أيدي القراء، كل ما وصلت إليه أيديهم» ().

وقال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ـ رحمه الله ـ:

«المتقدمون من المحدثين والمفسرين والمؤرخين، جرت عادتهم أن يوردوا كل ما في الباب من الأحاديث والأخبار، ولو كان غير صحيح الإسناد،أو كان إسناده باطلاً يعلمون بطلانه، اتكالاً منهم على ذكر سنده، فإنَّ ذكر السند يبرئ الذمَّة من المؤاخذة في إيراده، إذ قد كان «علم الإسناد» يعيش فيهم على أتم وجه» ().

وكما ذهب بعض أهل الحديث بأن ذكر بعض الأئمة للإسناد، يبرئ ذمتهم من مؤاخذتهم في إيراد بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة، كذلك ذهب بعض أهل الحديث إلى خلاف هذا، ورأوا أنهم لا يعذرون بذلك.

قال الحافظ العراقي:

«إن من أبرز إسناده به فهو أبسط لعذره، إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده، وإن كان لا يجوز له السكوت عليه من غير بيان» ().

وقال الذهبي في ترجمته للخطيب البغدادي:

«تكلَّم فيه بعضهم، وهو وأبو نعيم، وكثير من علماء المتأخرين، لا أعلم لهم ذنباً، أكبر من روايتهم الأحاديث الموضوعة، في تآليفهم غير محذِّرين منها، وهذا إثم وجناية على السنن، فالله يعفو عنَّا وعنهم» ().

وقال الحافظ ابن حجر في أبي نعيم الأصبهاني وابن منده:

«هما عندي مقبولان، لا أعلم لهما ذنباً، أكبر من روايتهما الموضوعات ساكتين عنها» ().

وقال الحافظ السخاوي:

«لا يبرأ من العهدة في هذه الأعصار، بالاقتصار على إيراد الإسناد، لعدم الأمن من المحذور به، وإن صنعه أكثر المحدثين في الأعصار الماضية في سنة مائتين، وهَلُمَّ جَرا خصوصاً الطبراني، وأبو نعيم، وابن منده، فإنهم إذا ساقوا الحديث بإسناده، اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته» ().

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير