تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويتابع إبراهيم حملته على أبي هريرة هذه الأيام. ففي جريدة (صوت الأمة) كتب مقالا فاجرا كال فيه الاتهامات جزافا لأبي هريرة، ولما لم يشبع ما في نفسه من أحقاد على الصحابي الجليل استعان بصديق له فنشر مقالا آخر متزامنًا مع مقاله في نفس الصحيفة، لكاتب سطحي وشديد الجهل بتراث أهل الإسلام يدعى خالد منتصر تعرض فيه للطعن في أبي هريرة أيضًا –. وقد رأيت من الواجب عليّ أن أرد على هذه الافتراءات التي يروج لها إبراهيم عيسى وأمثاله على وجه الاختصار انتصارًا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى يدرك الناس حجم الجهالات والأحقاد التي توجه إلى أصحاب النبي الكريم:

(1) فيبدأ مقاله باحتقار وتشهير بأبي هريرة زاعما: (أن أبا هريرة التصق بالنبي والمسجد النبوي من أجل قوت يومه وطعام بطنه مع المعدمين والفقراء والعاطلين) وهذا أسلوب رخيص في الكتابة ونظرة وقحة وإهانة لا تصدر إلا من حاقد!

(2) ومن افتراءته قوله (أنه لم يكن في يوم من الأيام أو في كتاب من الكتب من أصفياء النبي أو أحبائه ولا وضعه أحد في أي طبقة من طبقات الصحابة)!!، وقائل هذا الكلام بدون أدنى شك لم يقرأ شيئا من كتب أهل الإسلام وخاصة أهل السنة، لأنه لو قرأ لما أخطأ أبدا مناقب أبي هريرة المتكاثرة ومنها نيله شرف دعوة النبي له كما في صحيح مسلم. وتقريظ النبي له بأنه أحرص الناس على أحاديثه , ودعوة النبي له بالحفظ كما في صحيح البخاري. ويكفيه فخرا شهوده: الفتح الأكبر وحنين والطائف وتبوك ومؤتة. ويكفيه فخرا اشتراكه مع الصحابة في قمع المرتدين وشهود اليرموك وغزوات أرمينية وجهات جرجان. وأما قوله (ولا وضعه أحدٌ في أي طبقة من طبقات الصحابة)، فلعله يقصد كتب المتطرفين من الشيعة، أما أهل العلم في الإسلام فمكانة الصحابي الجيل أبو هريرة لديهم أشهر من أن نشير إليها، فهو حافظ الصحابة على الإطلاق في باب السنة. ومن الحفاظ القراء للقرآن كما سيأتي وهو من المفتين على عهد الصحابة (الأحكام لابن حزم 5/ 92). وهذا نصٌّ من كتاب الخراج لأبي يوسف ص 114 يبين أن أبا هريرة كان من أعيان المسلمين وأهل الحل والعقد أيام عمر: وأن عمر بن الخطاب دعا أصحاب رسول الله فقال إذا لم تعينوني فمن يعينني؟ قالوا نحن نعينك. فقال ياأبا هريرة ائت البحرين وهجر أنت العام. ولكن إبراهيم أبى أن ينظر لأبي هريرة إلا أنه جائع متشرد يريد أن يملأ بطنه على حساب الدين!!

(3) ومن أكاذيب إبراهيم عيسى: قوله (أنه لم يكن من الحفاظ أو القُرَّاء) وهذا جهل يصعب وصفه كما أنه كذبٌ مفضوح أيضا: ففي باب السنة هو من هو!! وهذا الذي يغيظ أعداءه، وهو الحافظ الأشهر على الإطلاق لرواية السنة مع عبد الله بن عباس رضي الله عنه ببركة دعوة النبي له .. وفي باب القرآن: يكفيه فخرا أنه أخذ القرآن عرضا على أبي بن كعب الصحابي الشهير وقرأ عليه أبو جعفر أحد القراء العشرة الأئمة، وقرأ عليه عبد الرحمن بن هرمز الأعرج , وعن الأعرج أخذ القرآن نافع المدني أشهر القراء السبعة. وبهذا نعلم أن القراءة الأكثر شهرة عند المسلمين اليوم ـ قراءة نافع ـ مدارها على أبي هريرة , وظاهر نص ابن الجزري أنه لا يشاركه أحدٌ فيها إذ يقول (تنتهى إليه قراءة أبي جعفر ونافع) غاية النهاية 1/ 370. وقال الذهبي: (ذكرته في طبقات القراء .. وذكرته في تذكرة الحفاظ فهو رأسٌ في القرآن وفي السنة وفي الفقه) السير 2/ 249. فبماذا يرد إبراهيم عيسى المفترى صاحب الأكاذيب والأحقاد؟!

(4) ومن طعونه الوقحه: اتهامه لأبي هريرة بأنه كان مغمورًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يظهر إلا في عهد بني أمية حيث يقول: (كان من الثابت أنه لم يكن ملء السمع والبصر إلا بعد صعود الدولة الأموية والحاجة ماسة إلى سند ديني ومساندة شرعية للخلاص من أزمة وسمعة قتل آل البيت والدم المسفوك والعرش المغتصب)!!، وهذا كلام أشبه بالحواديت ولغة المقاهي، لأن قائله لم ينل الحد الأدنى من العلم، إذ كيف يجهل حتى قارئ مبتدئ للتراث الإسلامي مثل إبراهيم عيسى أن أبا هريرة (ت 57 أو 58 هـ) قد ودع الدنيا في خلافة معاوية وقبل فتنة مقتل الحسين (ت 61هـ) وما جرى فيها في عهد يزيد، مع العلم أيضا أن أبا هريرة كان من المعتزلين للقتال الذي جري بين علي ومعاوية. ثم إن هذا كلام خطير ينم عن تشيع واضح في صورته المتطرفة وطعن قبيح في صحابي جليل!! وما الذي يقصده إبراهيم عيسى بقوله: (عرش مغتصب!! وقتل آل البيت!!)، عرش إيه يا إبراهيم، وضح للناس مذهبك الجديد بدون تقية؟! الذي تجهله أيضا يا إبراهيم فوق جهلك الذي فضحناه آنفا، أن أبا هريرة هو أكثر الرواة الذين رووا فضائل عليّ وفاطمة والحسن والحسين، وحبه الفائق لهم مبسوط في كتب السنة، ورواية زين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق عنه تدفع كذب المفترين عليه.

أما علاقته بمروان بن الحكم فقد توطدت وتوثقت بسبب موقفه الصائب الذي وقفه في الفتنة زمن عثمان وأنه كان ممن نصر عثمان يوم الدار. فكان مطيعا لمروان كأمير ومع ذلك كان ينصحه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر. ولولا الإطالة لذكرنا الروايات الكثيرة في هذا الباب والتي انتقد فيها مروان. راجع: المستدرك (4/ 91، 463).

الكتابة يا إبراهيم عن أسيادك الصحابة لا تكون مثل كتابتك للروايات المُسِّفة التي كنت تكتبها فمن يطالع روايتك (العراة) التي طبعتها للأسف الهيئة المصرية للكتاب بما فيها من قبائح وألفاظ وضيعة. وكذا وروايتك (دم على نهد) وما فيها من فكر ضحل وألفاظ سوقية يعلم حجم المأساة التي نعيشها هذه الأيام من تطاول الأقزام والسوقة على أشرف خلق الله بعد الأنبياء والله المستعان.

http://www.albainah.net/index.aspx?function=Item&id=10378&lang=

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير