تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن قيل: فلم لا أخرجه البخاري؟ قيل: هذا لا يلزم , لأنه رحمه الله لم يستوعب الصحيح وليس سعد بن سعيد من شرطه , على أنه قد استشهد به في صحيحه , فقال في كتاب الزكاة: وقال سليمان عن سعد بن سعيد عن عمارة بن غزية عن ابن عباس عن أبيه عن النبي صلى الله " أحد جبل يحبنا ونحبه ".

الاعتراض الثاني: أن هذا الحديث قد اختلف في سنده على عمر بن ثابت , فرواه أبو عبد الرحمن المقري عن سعيد عن عبد ربه بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب موقوفا ذكره النسائي. وأخرجه أيضا من حديث عثمان بن عمرو بن ساج عن عمر بن ثابت عن محمد ابن المنكدر عن أبي أيوب , وهذا يدل على أن طريق سعد بن سعيد غير متصلة , حيث لم يذكر محمد بن المنكدر بين عمر بن ثابت وأبي أيوب , وقد رواه إسماعيل بن عياش عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر عن أبي أيوب. فدل على أن لرواية محمد بن المنكدر له عن أبي أيوب أصلا. ورواه أبو داود الطيالسي عن ورقاء بن عمر اليشكري عن سعد بن سعيد عن يحيى بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب. وهذا الاختلاف يوجب ضعفه.

والجواب: أن هذا لا يسقط الاحتجاج به , أما رواية عبد ربه بن سعيد له موقوفا فإما أن يقال: الرفع زيادة. وإما أن يقال: هو مخالفة وعلى التقديرين: فالترجيح حاصل بالكثرة والحفظ فإن صفوان بن سليم ويحيى بن سعيد - وهما إمامان جليلان - وسعد بن سعيد - وهو ثقة محتج به في الصحيح - اتفقوا على رفعه , وهم أكثر وأحفظ على أن المقبري لم يتفق عنه على وقفه. بل قد رواه أحمد بن يوسف السلمي شيخ مسلم , وعقيل بن يحيى جميعا عنه عن شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب مرفوعا وذكره ابن منده , وهو إسناد ` صحيح موافق لرواية الجماعة , ومقو لحديث صفوان بن سليم وسعد بن سعيد.

وأيضا فقد رواه محمد بن جعفر غندر عن شعبة عن ورقاء عن سعد بن سعيد مرفوعا , كرواية الجماعة , وغندر أصح الناس حديثا في شعبة , حتى قال علي بن المديني: هو أحب إلي من عبد الرحمن بن مهدي في شعبة , فمن يكون مقدما على عبد الرحمن بن مهدي في حديث شعبة يكون قوله أولى من المقبري.

وأما حديث عثمان بن عمرو بن ساج , فقال أبو القاسم بن عساكر في أطرافه عقب روايتها: هذا خطأ , والصواب: عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب , من غير ذكر محمد بن المنكدر. وقد قال أبو حاتم الرازي: عثمان والوليد ابنا عمرو بن ساج , يكتب حديثهما ولا يحتج به , وقال النسائي: رأيت عنده كتبا في غير هذا. فإذا أحاديث شبه أحاديث محمد بن أبي حميد , فلا أدري: أكان سماعه من محمد أم من أولئك المشيخة؟

فإن كانت تلك الأحاديث أحاديثه عن أولئك المشيخة ولم يكن سمعه من محمد فهو ضعيف. وأما رواية إسماعيل بن عياش له عن محمد بن أبي حميد: فإسماعيل بن عياش ضعيف في الحجازيين ومحمد بن حميد متفق على ضعفه ونكارة حديثه , وكأن ابن ساج سرق هذه الرواية عن محمد بن حميد , والغلط في زيادة محمد بن المنكدر منه. والله أعلم.

وأما رواية أبي داود الطيالسي: فمن رواية عبد الله بن عمران الأصبهاني عنه , قال ابن حبان: كان يغرب , وخالفه يونس بن حبيب , فرواه عن أبي داود عن ورقاء بن عمر عن سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت , موافقة لرواية الجماعة.

فإن قيل: فالحديث - بعد هذا كله - مداره على عمر بن ثابت الأنصاري , لم يروه عن أبي أيوب غيره , فهو شاذ , فلا يحتج به!.

قيل: ليس هذا من الشاذ الذي لا يحتج به , وكثير من أحاديث الصحيحين بهذه المثابة: كحديث " الأعمال بالنيات " تفرد علقمة بن وقاص به , وتفرد محمد بن إبراهيم التيمي به عنه , وتفرد يحيى بن سعيد به عن التيمي. وقال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي: ليس الشاذ أن يروي الثقة ما لا يروي غيره , إنما الشاذ: أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس.

وأيضا فليس هذا الأصل مما تفرد به عمر بن ثابت , لرواية ثوبان وغيره له عن النبي صلى الله عليه وسلم , وقد ترجم ابن حبان على ذلك في صحيحه , فقال - بعد إخراجه حديث عمر بن ثابت -: ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عمر بن ثابت عن أبي أيوب , وذكر حديث ثوبان من رواية هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم عن يحيى بن الحارث الذماري عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان , ورواه ابن ماجة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير