[بيان السبب في جرح الرواة]
ـ[رأفت الحامد العدني]ــــــــ[02 - 11 - 06, 05:53 ص]ـ
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا فمن يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما.
إن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
فإنني أقدم هذه الرسالة إلى الذين أصيبوا بشَرَهِ الغلو، فانتهكوا حرمات المسلمين ..
إلى بعض من انتسب إلى الحديث وأهله من الذين ضلوا وأضلوا ..
إلى كل من ينشد الحق في مسائل الحكم على الأشخاص والأعيان ..
فأقول: إن إصدار الأحكام على الآخرين بالجرح والتعديل أمر هام جداً في شريعتنا،والإقدام عليه من غير علم ولا دراية أو تثبت، يتسبب بنتائج وتبعات خطيرة لا تحمد عقباها ..
لذا أنصح كل من يتصدر للحكم على الآخرين بالجرح أن يلم _ قبل إصدار الأحكام _ بجميع قواعد المحدثين في علم الجرح والتعديل،إلماماً وافياً شافياً ومن غير إهمال شيء منها،فإن ما تطلقه قاعدة قد تقيده قاعدة أخرى، أو تجريه عليها تعديلات بحسب الحالة المراد الحكم عليها.
وغالب الذين أخطؤا في هذا الجانب، كان بسبب تعاملهم مع قاعدة أو قاعدتين من قواعد الجرح والتعديل متجاهلين القواعد الأخرى،التي قد تلقي ضوءاً آخر على المسألة،مما حدى بهم أن يقعوا في الغلو والإفراط .. ??
من يتأمل واقع الأمة يجد الأمور تسير إما إلى غلو وإفراط أو إلى جفاء وتفريط، والوسط بينهما عزيز، لكن الخير في هذه الأمة لا ينضب وهو باق إلى يوم القيامة بإذن الله.
وفي الآونة الأخيرة بزغت ظاهرة الغلو في التكفير والتفسيق والحكم على الأشخاص والأعيان، وبشكل ملفت للانتباه، الحكم على الأشخاص والأعيان من دون مراعاة للضوابط والقواعد الشرعية، مما أدى بهم عن قصد أو غير قصد أن يقفوا تحت مظلة الغلو.
وإني أعترف أنني ممن لم يعلو كعبهم في العلم،ولولا شعوري بالضرورة الملحة للبحث في هذا الموضوع لما شرعت ولا تجرأت، راجياً من الله تعالى التوفيق والسداد،فإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان،وأستغفر الله وإن أصبت فمن الله تعالى وحده.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
فصل:
وقبل الشروع في موضوعنا هذا لابد علينا من فهم هذه المسألة حتى لا يكون هناك أي لبس في فهم مصطلحات علماء الحديث والجرح والتعديل، ولأن كثير من الذين يتكلمون في هذا الموضوع ليست لهم عناية بمثل هذه الضوابط العلمية الهامة، التي يكون لها الأثر الكبير في فهم القواعد.
كيف يُعرف الجرح المجمل والجرح المفسر؟
قال الشيخ أبو الحسن السليماني المأربي: " سرُّ ذلك أن تعلم أن الراوي المجرّح يُتكلم فيه من وجهين: جهة العدالة وجهة الضبط فإذا علمت من الكلمة أن الطعن موجه إلى الراوي في إحدى الجهتين أو كليهما فإنه جرح مفسر وإلا فمجمل،فقولهم في أحد الرواة (ضعيف،أو ليس بشيء أو متروك،أو ساقط ... الخ) ما كان من هذا السبيل هذه العبارات لو سألنا أنفسنا، هل المقصود بها الجرح في العدالة أم في الضبط؟ لَما ظهر لنا شيء، ولذلك فهي جرح مجمل ولكن لو رأينا قولهم في أحد الرواة (سيئ الحفظ أو له أوهام،أو فاحش الغلط أو فاسق أو كذاب الخ) ما كان من هذا السبيل وسألنا أنفسنا السؤال السابق لوجدنا للسؤال جواباً في كل لفظة فمن هنا قلنا: أنه جرح مفسر ".
إتحاف النبيل بأجوبة أسئلة المصطلح والجرح والتعديل (1/ 109 - 110)
¥