تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل أن ابن الصلاح أغلق باب التصحيح؟]

ـ[ماهر]ــــــــ[10 - 08 - 02, 10:52 ص]ـ

لم يدرك المتأخرون الذين كتبوا بالمصطلح كلام ابن الصلاح؛ إذ إنَّ ابن الصلاح لم يرد غلق باب التصحيح والتضعيف، وإنّما أراد صعوبة الأمر وليس كل واحدٍ يستطيع ذلك، وقد بحث محقق " الشذا الفياح ": صلاح الدين فتحي هلل، هذه المسألة بحثاً مستفيضاً رأينا نقله بحروفه لفائدته وأهميته، فقد قال: ((لم يُحسن التعقُّب على ابن الصلاح – رحمه الله – والتشنيع عليه بحجّة أنّه يمنع من التصحيح، ويدعو إلى إغلاق هذا الباب، لأنّ ذلك لم يرد في كلامه أصلاً، كيف وهو يقول: ((إذا وجدنا … حديثاً صحيح الإسناد … لا نتجاسر على جزم الحكم …))؟ فلاشكَّ أنَّ ذلك يحتاج إلى نظرٍ وبصرٍ بالتصحيح.

ومثل ذلك قوله في ((الفائدة الأولى)) (: 152): ((ولهذا نرى الإمساك عن الحكم لإسناد أو حديث بأنّه الأصحُّ على الإطلاق)). وقوله في ((نوع الحسن)) (: 180): ((وهذه جملةٌ تفاصيلها تُدْرَكُ بالمباشرة والبحث)).

وقوله في ((نوع الشاذ)) (: 343): ((إذا انفرد الراوي بشيء نُظِرَ فيه … فينظر في هذا الراوي … استحسنَّا حديثه ذلك، ولم نحطّه إلى قبيل الحديث الضعيف … رددنا ما انفرد به …)).

وقوله في ((معرفة زيادات الثقات)) (: 250): ((وذلك فنٌ لطيف تستحسن العناية به)).

وقوله في ((معرفة الحديث المعلَّل)) (259): ((… وإنّما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب، …، ويُستعان على إدراكها بتفرد الراوي وبمخالفة غيره له، مع قرائن تنضم إلى ذلك تُنبِّه العارفَ بهذا الشأن على إرسالٍ في الموصول … بحيث يغلب على ظنّه ذلك فيحكم به أو يتردَّد فيتوقف فيه)).

وقوله في ((معرفة المضطرب)) (: 269): ((وإنّما نسمّيه مضطرباً إذا تساوت الروايتان، أما إذا ترجَّحت إحداهما … الخ)).

وقوله في ((معرفة الموضوع)) (: 279): ((… ولا تحلّ روايته … إلا مقروناً ببيان وضعه …)).

وقوله في ((معرفة المقلوب)) (: 287): ((وإنّما تقول: قال رسول الله ? فيما ظهر لك صحته بطريقه الذي أوضحناه أولاً)).

فكل ذلك يدلّ على إعمال القواعد والبحث والتفتيش في الأسانيد والحكم عليها بما تستحق حسب القواعد. وهذا خلاف ما فهمه النووي وغيره من كلام ابن الصلاح.

وقد صّحح ابن الصلاح وحسَّن في كلامه على " الوسيط " للغزالي.

والغريب أنّ النووي والعراقي وابن حجر قد وقفوا على كلامه هذا، فنقل منه العراقي في مواضع منها في تخريج الإحياء للغزالي (1/ 201، 216، 225 ط: الإيمان بالمنصورة)، وقد نقل منه ابن حجر في مواضع لا تحصى من كتابه: " تلخيص الحبير " منها: (1/ 47، 63، 68، 69، 84، 90 127، 143. ط: ابن تيميه).

وقد صحَّح ابن الصلاح – رحمه الله – وحسَّن في كلامه هذا، وذكر ابن حجر متابعة النووي لابن الصلاح رحمهم الله على بعض أحكامه، فكيف فاتهم ذلك؟! ففهموا أنّ ابن الصلاح يمنع من التصحيح والتحسين؟! ولابن الصلاح – رحمه الله – " أمالي " يتكلم فيها على الأحاديث وقفت على الجزء الثالث منها.

ومن نظر فيه رأى نَفَسَ عالم محدّث يسرد الحديث وما يشهد له مع الكلام عليه.

بل لماذا ألَّف ابن الصلاح – رحمه الله – " مقدمته " في علوم الحديث؟ ووصف كتابه هذا بكونه: ((… أباح بأسراره – (يعني: علم الحديث) – الخفيّة وكشف عن مشكلاته الأبيّة، وأحكم معاقده، وقعّد قواعده، وأنار معالمه، وبيّن أحكامه، وفصّل أقسامه، وأوضح أصوله، وشرح فروعه وفصوله، وجمع شتات علومه وفوائده، وقنص شوارد نُكته وفرائده)).

وذكر أنّ الله عز وجل مَنَّ بهذا الكتاب: ((حين كاد الباحث عن مُشْكله لا يلقى له كاشفاً، والسائل عن علمه لا يلقى به عارفاً)) كما ذكر ذلك في ((مقدمة كتابه)) (: 146).

فلماذا ألفه إذاً إذا كان لا يرى جواز التصحيح في هذه الأعصار؟ جواز ذلك لما ألّف للناس كتاباً يعلمهم سبيل التصحيح والتحسين والحكم على الأحاديث بما تستحق.

ثم رأيت أبا الحارث علي بن حسن الحلبي – حفظه الله – يقول: ((كلام ابن الصلاح يُفْهَم منه التعسير لا مُطْلق المنع)) كما في حاشية " الباعث " (1/ 112 ط: دار العاصمة) ولم يذكر دليله على ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير