تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا أظن أن أحداً سيلزمنا برد أحاديث الثقات في الأحكام لأننا نرد أحاديث الضعفاء في السير

فقياس الثقة على الضعيف لا يستقيم أبداً

يبقى لازما لكم شيخنا أكرمكم الله لأنكم رددتم رواية المجروح بعدالته لمجرد احتمال الوهم و ليس لوجود قرينة تدل على كذبه-وهو ما يلحظه المؤرخون-فجعلتم مجرد احتمال الوهم مناطا لرد الرواية أما و قد لاحظتم اعتماد المحدثين للقرائن في رد حديث الثقة فكذلك يلزمكم ملاحظة اعتماد المؤرخين للقرائن في رد رواية المجروح العدالة لاختلاف المقامين

بارك الله فيكم شيخنا على ما افدتم

و الله أعلم بالحال و المآل


*و من الأمثلة التي ترشد الى شفوف نظر النقاد الكبار في تقديرهم لهذه التناسبية في قبول الخبر و تقديرهم لموقع الناقد نفسه من الخبر- وهي السمة البارزة عند ائمة السلف و تجد آثار تقديرهم لهذه النسبية في باقي العلوم و ليس فقط في علم الحديث - مبحث قبول خبر الاحاد و افادته للعلم ففي القرون المتقدمة كان ما صح من خبر الآحاد محتجا به عندهم في الأصول و الفروع لقرب العهد من مخارج الحديث و يسرة الوقوف على علله اما بعد أن مضى الزمان و قدم العهد بنور النبوة و قل العلم بالعلل شيئا فشيئا كما ذكر ابن رجب و أصبح من العسير الوقوف عليها قيد محققو أهل السنة كشيخ الاسلام أن خبر الآحاد المفيد للعلم بما تلقاه أهل الحديث الأوائل بالقبول لقوة الاحتمال بان تكون هناك علة لم يطلع عليها المتأخرين و هذه السمة تظهر جلية في عامة بحوثهم لافادة خبر الواحد للعلم يقول الحافظ ابن حجر في شرح النخبة: "وهذه الأنواع التي ذكرناها لا يحصل العلم بصدق الخبر منها إلا للعالم بالحديث المتبحر فيه العارف بأحوال الرواة المطلع على العلل. وكون غيره لا يحصل له العلم بصدق ذلك لقصوره عن الأوصاف المذكورة لا ينفي حصول العلم للمتبحر المذكور". و يقول شيخ الاسلام:"وذهب الأكثرون من الفقهاء وهو قول عامة السلف إلى أن هذه الأحاديث حجة في جميع ما تضمنته من الوعيد؛ فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين بعدهم ما زالوا يثبتون بهذه الأحاديث الوعيد كما يثبتون بها العمل ويصرحون بلحوق الوعيد الذي فيها للفاعل في الجملة وهذا منتشر عنهم في أحاديثهم وفتاويهم وذلك لأن الوعيد من جملة الأحكام الشرعية التي ثبتت بالأدلة الظاهرة تارة وبالأدلة القطعية أخرى؛ فإنه ليس المطلوب اليقين التام بالوعيد بل المطلوب الاعتقاد الذي يدخل في اليقين والظن الغالب كما أن هذا هو المطلوب في الأحكام العملية. ولا فرق بين اعتقاد الإنسان أن الله حرم هذا وأوعد فاعله بالعقوبة المجملة واعتقاده أن الله حرمه وأوعده عليه بعقوبة معينة من حيث إن كلا منهما إخبار عن الله فكما جاز الإخبار عنه بالأول بمطلق الدليل فكذلك الإخبار عنه بالثاني بل لو قال قائل: العمل بها في الوعيد أوكد؛ كان صحيحا.، ولهذا كانوا يسهلون في أسانيد أحاديث الترغيب والترهيب ما لا يسهلون في أسانيد أحاديث الأحكام؛ لأن اعتقاد الوعيد يحمل النفوس على الترك فإن كان ذلك الوعيد حقا كان الإنسان قد نجا وإن لم يكن الوعيد حقا بل عقوبة الفعل أخف من ذلك الوعيد لم يضر الإنسان إذا ترك ذلك الفعل خطؤه في اعتقاده زيادة العقوبة لأنه إن اعتقد نقص العقوبة فقد يخطئ أيضا وكذلك إن لم يعتقد في تلك الزيادة نفيا ولا إثباتا فقد يخطئ فهذا الخطأ قد يهون الفعل عنده فيقع فيه فيستحق العقوبة الزائدة إن كانت ثابتة أو يقوم به سبب استحقاق ذلك. فإذا الخطأ في الاعتقاد على التقديرين تقدير اعتقاد الوعيد وتقدير عدمه سواء والنجاة من العذاب على تقدير اعتقاد الوعيد أقرب فيكون هذا التقدير أولى وبهذا الدليل رجح عامة العلماء الدليل الحاظر على الدليل المبيح وسلك كثير من الفقهاء دليل الاحتياط في كثير من الأحكام بناء على هذا وأما الاحتياط في الفعل فكالمجمع على حسنه بين العقلاء في الجملة فإذا كان خوفه من الخطإ بنفي اعتقاد الوعيد مقابلا لخوفه من الخطإ في عدم هذا الاعتقاد: بقي الدليل الموجب لاعتقاده والنجاة الحاصلة في اعتقاده دليلين سالمين عن المعارض. وليس لقائل أن يقول عدم الدليل القطعي على الوعيد دليل على عدمه كعدم الخبر المتواتر على القراءات الزائدة على ما في المصحف؛ لأن عدم الدليل لا يدل على عدم المدلول عليه ومن قطع بنفي شيء من الأمور العلمية لعدم الدليل القاطع على وجودها كما هو طريقة طائفة من المتكلمين فهو مخطئ خطأ بينا لكن إذا علمنا أن وجود الشيء مستلزم لوجود الدليل وعلمنا عدم الدليل وقطعنا بعدم الشيء المستلزم لأن عدم اللازم دليل على عدم الملزوم وقد علمنا أن الدواعي متوفرة على نقل كتاب الله ودينه فإنه لا يجوز على الأمة كتمان ما يحتاج إلى نقله حجة عامة فلما لم ينقل نقلا عاما صلاة سادسة ولا سورة أخرى علمنا يقينا عدم ذلك. وباب الوعيد ليس من هذا الباب؛ فإنه لا يجب في كل وعيد على فعل أن ينقل نقلا متواترا كما لا يجب ذلك في حكم ذلك الفعل فثبت أن الأحاديث المتضمنة للوعيد يجب العمل بها في مقتضاها: باعتقاد أن فاعل ذلك الفعل متوعد بذلك الوعيد لكن لحوق الوعيد به متوقف على شروط؛ وله موانع. وهذه القاعدة تظهر بأمثلة ... "الى آخر كلامه القيم رحمه الله
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير