[نقد المتن وعلاقته بالحكم على رواة الحديث عند علماء الجرح والتعديل .. خالدالدريس.]
ـ[أبوصالح]ــــــــ[15 - 11 - 06, 11:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وعلى الآل والصحب ومن تبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين ..
هذا بحثٌ محكّم للشيخ الجليل خالد بن منصور الدريس .. وألفيته نافعاً لإخواني متصفحي الملتقى.
- - (نقد المتن وعلاقته بالحكم على رواة الحديث عند علماء الجرح والتعديل). - -
مقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده و رسوله.
أما بعد؛ فإنه من غير الخفي على المختصين في علم الحديث من المعاصرين أن موضوع "نقد المتن الحديثي" قد لقي في عصرنا اهتماماً بالغاً؛ لكثرة الكلام حوله من قبل المستشرقين وغيرهم، مما أدى ببعض الباحثين أن يخصوه ببحوث مستقلة، ولكن لم يزل هذا الموضوع في حاجة للكثير من البحوث المعمقة.
وتتجلى أهمية هذا البحث في إبراز جهود علماء الجرح والتعديل في نقد المتن باعتباره ركيزة من أهم ركائزهم في نقد الرواة والحكم عليهم. وقد أغفل بعض الباحثين ممن كتبوا في موضوع نقد المتن الحديثي هذه الجهود، بل صرح بعضهم بأن كتب الرجال والعلل لا يوجد فيها نقد للمتن، مما يجعل الكتابة في هذا الموضوع ذات أهمية لبيان عدم سلامة هذه النتيجة. ولعلّ بيان عناية علماء الجرح والتعديل بالمتن الحديثي، ومعرفة الأسباب الموجبة لنقده عندهم، وحدوده، أن تكون من الأمور المساعدة على تهيئة المناخ العلمي لاستثمار تلك المعايير والطرق والوسائل في الجهود النقدية لعلماء الحديث المعاصرين الساعين لتنقية المصادر الحديثية.
وينحصر البحث في بيان علاقة نقد المتن بالحكم على رواة الحديث، وهذا يعني أن البحث لا يشمل كل نقد للمتن سواء أكان قائله من الفقهاء أم من المحدثين، من القدماء أم من المتأخرين، بل هو محصور بأئمة الجرح والتعديل المتقدمين من أمثال: شعبة بن الحجاج، وعبدالرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، والإمام أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، والبخاري، ومسلم، وأبي حاتم الرازي، وأبي زرعة الرازي، وابن حبان، وابن عدي، والدارقطني.
كما أن مصادر البحث الأساس التي ستستمد منها النصوص التطبيقية ستكون محصورة في كتب الرجال، وكتب العلل نظراً لكونها تمثل الجانب العملي التفصيلي لنقد مرويات الرواة.
ويهدف البحث إلى إبراز عناية علماء الجرح والتعديل بنقد المتن، وبيان أنه ركن أساسي من أركان العملية النقدية في الحكم على رواة الحديث عندهم، والتأكيد على الحقيقة العلمية القائلة: إن هناك تلازماً عضوياً بين نقد السند ونقد المتن. كما يهدف إلى تسليط الضوء على جملة من النصوص التطبيقية التي لم تتعرض لها الدراسات السابقة، والكشف عن التنوع الاجتهادي في التعامل مع نقد المتن عند علماء الجرح والتعديل، وبيان الأسباب الموجبة لنقد المتون عند علماء الجرح والتعديل وأثر ذلك في الحكم على رواة الحديث. وسوف يتطرق البحث إلى بيان حدود نقد المتن عند علماء الجرح والتعديل موازنة ذلك بما عند غيرهم من مخالفيهم، بالإضافة إلى بيان مسوغات هذه الحدود.
وقد جرت صياغة هذه الأهداف في صورة أسئلة محددة هي: ما الأسباب الموجبة لنقد المتن عند علماء الجرح والتعديل؟ وما أثر تلك الأسباب في حكمهم على الرواة؟ وما هي حدود نقد المتن عند علماء الجرح والتعديل؟ وتحديداً ما هو نقد المتن غير المقبول عندهم؟ وما مسوغات الحدود المذكورة وجوداً وعدماً؟ وعليه فقد تم تقسيم البحث إلى ثلاثة أقسام؛ حاول كل قسم منها الإجابة عن واحد من هذه الأسئلة بالتتالي.
¥