تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقد ظهر الخلل هنا ـ إضافة إلى أمور أخر ـ حين سمع أبو جعفر الصيدلاني من أبي علي الحداد قبل بلوغه لسن التمييز، ولهذا وصف تلقيه منه هذا الحديث بالحضور، وهي كلمة اصطلح عليها المتأخرون في حالة ما إذا سمع الراوي قبل أن يتأهل لذلك. وسماع الصبي قبل تمييزه لا اعتبار له عند المحدثين لا سيما المتقدمين، وتساهل فيه المتأخرون حيث إن الاعتماد على الكتاب، وليس على ما تحمله ورواه. فتصحيح الأحاديث باعتبار هذا الإسناد الطويل الذي ظهر لنا خلل في الجزء الثاني منه أمر متعذر، إذ أن أبا جعفر الصيدلاني اعتمد في رواية هذا الحديث على كتابه دون أن يتم له سماع صحيح من أبي على الحداد، وهذا ما أراده ابن الصلاح سابقا بقوله:" لأنه ما من إسناد من ذلك إلا ونجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والظبط والإتقان، وتراجم هؤلاء الرواة المتأخرون متوفرة في كتب التراجم، كثيرا ما نجد فيهم نصوصا صريحة في التعديل والتوثيق.

هذا، وإن العلو في المرحلة الثانية لا يتحقق في أسانيدها إلا وقيه خلل يظهر من التساهل في مراعاة الشروط في التحمل السليم والتلقي الصحيح، وقد رأينا آنفا الإمام الذهبي يقول:" وأعلى ما يقع لنا ولأضرابنا في هذا الزمان من الأحاديث الصحيحة المتصلة بالسماع ما بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم ـ اثنا عشر رحلا، وبالإجازة في الطريق ـ أي في السند ـ أحد عشر، وذلك كثير، ويضعف يسير غير واه: عشرة اهـ. فبقدر ما يكون الإسناد عاليا بقلة عدد الرواة يزداد فيه الخلل.

على أن الحديث قد رواه البخاري في كتاب الصلاة،باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب (12) من طريق محمد بن عبد الرحيم، عن يزيد بن هارون به، وبه يتبين أن سند الذهبي قد مر على صحيح البخاري، حيث اشتركا في يزيد بن هارون، ومن فوقه إلى أنس، وهذا بمثابة تصحيح البخاري لهذا الحديث مما يغني عن اعتبار الإسناد الذي رواه به الحافظ الذهبي، وهذا ما قيد به ابن الصلاح كلامه حين قال: " ولم نجده في أحد الصحيحين، ولا منصوصا على صحته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة.

المثال الثني وتحليله:

وهو مثال الإسناد المستقبل الذي لا يشارك شيئا من الدواوين المتعمدة التي تنص على صحة الحديث.

يقول الإمام الذهبي:

(1) أخبرنا عمر بن عبد المنعم

(2) قال أخبرنا عبد الصمد بن محمد ـ حضوراـ

(3) قال أخبرنا علي بن مسلم

(4) قال أخبرنا ابن طلاب

(5) قال أخبرنا ابن جميع

(6) قال حدثنا الحسن بن إدريس القافلاني

(7) قال حدثنا عيسى بن أبي حرب

(8) قال حدثنا يحي بن أبي بكير

(9) قال حدثنا سفيان

(10) عن سليمان التيمي

(11) عن أبي عثمان

(12) عن أسامة بن زيد

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض، ثم قال الذهبي: " رواته ثقا ت، وهذا من الأفراد، لم يخرجوه في كتب الستة" (13). قلت: وإنما أخرجه بعضهم من حديث ابن عمر وأبي بكرة فظهر مما ذكره الحافظ الذهبي أن سند هذا الحديث المشكل من اثني عشر رجلا لم يمر على الكتب الستة، والحكم عليه بالصحة أو بالضعف متوقف على اعتبار هذا السند من أوله إلى آخره، وقد رأينا في مستهل الإسناد شيئا يمنع صحته، وهو عدم صحة السماع عند عمر بن عبد المنعم، حيث بين أنه لم يكن وقت تلقيه من عبد الصمد بن محمد متأهلا له.

المثال الثالث وتحليله:

وهو ما رواه الإمام ابن الصلاح ـ رحمه الله ـ بسنده العالي، ليختتم به كتابه المعروف بمقدمة ابن الصلاح، قال رحمه الله تعالى:

(1) أخبرنا الشيخ المعمر أبو حفص عمر قراءة عليه

(2) قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي

(3) قال: أخبرنا أبو إسحاق بن عمر أحمد البرمكي

(4) قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم

(5) قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي

(6) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري

(7) قال: حدثنا سليمان التيمي

(8) عن انس

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام. أو قال ثلاث ليال (14).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير