ـ[أبو الأشبال أحمد شاغف]ــــــــ[27 - 11 - 06, 03:04 م]ـ
فهؤلاء العلماء، وفيهم بعض أعرف الناس بصحيح البخاري: كالإسماعيلي، والدارقطني، وأبي مسعود الدمشقي = لو كان متقرّرًا عندهم أن البخاري يشترط العلم بالسماع، لَمَا تجرّؤا على انتقاد بعض أحاديث صحيحه بعدم السماع، لمجرّد أنّهم لم يقفوا على ما يدل على السماع مع قرائن عدم السماع التي لاحت لهم؛ لأنّهم (أولاً): أعرف الناس بمكانة الإمام البخاري وعظيمِ اطّلاعه على السنة وأسانيدها وأحوال رواتها وأخبارهم؛ ولأنّهم (ثانيًا): أدْرَى الناس بالأدب العلميِّ القائل: من عَلم حُجّةٌ على من لم يعلم، وأن عدمَ العلم لا يدل على العدم.
الجواب عن هذه الاعتراضات
أقول: ليست عندي هذه الكتب كلها حتى أراجعها لأني قد قدمت أن الشيخ حاتمًا نسب إلى البخاري بعض الأحاديث بذكر الأرقام وأخطأ فيه، فهو عندي غير معتمد في نقله.
وقد قال هاهنا " منهم ... أبو حاتم الرازي " وأحال في الهامش إلى جامع التحصيل … وراجع صحيح البخاري مع الفتح حديث رقم2502 و6353 وفي نفس الإسناد يجد ثبوت اللقاء والسماع لمن يفهم صحيح البخاري؟
ثم قال الشيخ حاتم: " والإسماعيلي " وأحال في الهامش إلى التهذيب وفتح الباري؛
هل نأخذ قول الإسماعيلي أو قول البخاري الذي أثبت سماع خالد من المقدام في تاريخه الكبير؟
لعل الشيخ حاتمًا كتب هذا الكتاب وكان مخه مملوءً بأفكار الإجماع الخيالية ولذا لم يستطع أن يفهم كلام هؤلاء العلماء حق الفهم، بل قد يثبت باعتراض هؤلاء العلماء الكبار أنهم كانوا يعرفون أن البخاري اشترط السماع واللقاء وما وجدنا السماع في هذه الأحاديث فهى خالية عن هذا الشرط.
قال الإسماعيلي: " ومما يرجح به أنه لا بد من ثبوت اللقاء عنده (أي عند البخاري) وخالفه مسلم واكتفى بإمكانه ".
ثم قال الشيخ حاتم: والدارقطني، وأحال في الهامش إلى التتبع؛
أقول من يريد الحق فليرجع إلى التعليق على هذه الأحاديث لمحقق التتبع وأيضا يرجع إلى هدى الساري وفتح الباري، وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن جميع اعتراضات الدارقطني والآخرين في هدى الساري، وفي الفتح أيضا، وقس عليه بقية اعتراضاتك على البخاري.
ثم أقول: أنت حريص بنقل اعتراضات الدارقطني وغيره على البخاري، ولا تلتفت إلى أجوبة العلماء لها ـ فهل تأخذ في مسلم قول الدارقطني: " إنما أخذ مسلم كتاب البخاري، فعمل فيه مستخرجا وزاد فيه أحاديث ".
مذهب الإمام البخاري في هذه المسألة
أقول: من أراد أن يعرف مذهب الإمام البخاري في هذه المسألة فليقرأ ـ بإمعان وادعو الله له بالتوفيق أن يفهمه ـ قول الإمام البخاري في صحيحه في كتاب العلم:
باب قَوْلِ المُحَدِّثِ حدّثنا أو أخْبَرَنَا وأنْبأَنَا
وقال لَنَا الحُمَيدِيُّ: كانَ عِِنْدَ ابنِ عُيَيْنَةَ: حدّثنا وأخْبَرَنَا وأبْنَانَا وسَمِعْتُ واحِدًا؛ وقال ابنُ مَسْعُودٍ: حدّثنا رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ـ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدوقُ. وقال شَقِيق عَن عَبْدِ اللهِ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَلِمَةً. وقال حُذَيْفَةُ: حدّثنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ. وقال أبُو العاليَةِ عَن ابنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فيمَا يَروِيهِ عَنْ رَبِّهِ. وقال أنَسٌ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وجَلَّ. وقال أبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّكُم عَزَّ وجَلَّ.
حدّثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا إسْماعِيلَ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ دِينارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: قالَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ ورَقُهَا، وإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، فَحَدِّثونِي مَا هِيَ؟ "، فَوَقَعَ النَّاسُ في شَجَرِ البَوَادِي؛ قال عَبْدُ اللهِ: ووقَعَ فِي نَفْسِي أنَّهَا النَّخْلَةُ، فاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قالُوا: حدّثنا مَا هِيَ؟ يا رَسُولَ اللهِ! قال: " هِيَ النَّخْلَةُ ".
أقول: من كان خالي الذهن، يريد الفهم بتوفيق الله يفهم مراد البخاري، وقديما قيل " فقه البخاري في تراجمه ".
إلزام الشيخ حاتم البخاري بما لا يلزمه
قال الشيخ حاتم:
¥