هل يُتصور أن يكون الإمام النسائي متساهلاً إلى هذا الحد؟
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[29 - 11 - 06, 04:28 م]ـ
الحمد لله.
قال ابن الصلاح في (علوم الحديث) (ص39 - 40): (حكى أبو عبد الله الحافظ أنه سمع محمد بن سعد الباوردي بمصر يقول: كان من مذهب أبي عبد الرحمن النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه). انتهى.
هذا كلام أراه يبعد أن يكون صحيحاً، فهل ورد هذا الكلام في شيء من كتب النسائي، أو ورد في غيرها بإسناد صحيح عنه؟
وأما الباوردي فإن كان قال ذلك نقلاً عن النسائي فأين إسناده؟ وأما إن كان قاله من عند نفسه استقراءً فحينئذ لا يلزم أن يكون مصيباً فيه، بل التوقف عن قبول كلامه هذا هو الأولى، وذلك لمخالفته للواقع من جهة ولمقتضى إمامة النسائي واجتهاده من جهة أخرى، ولقول من وصف النسائي بالتشدد من جهة ثالثة، ولهذا أشار الحافظ العراقي إلى عدم رضاه بهذا المذهب الذي نسب إلى الإمام النسائي، أو أشار إلى استغرابه له، فقال فيما نقله عنه السيوطي في (زهر الربى) (1/ 10): «هذا مذهب متسع».
وأما ابن حجر فكأنه لم يرتض جواب شيخه العراقي، ثم وجد نفسه مضطراً إلى تأويل قول الباوردي فقال في النكت (1/ 482): «وما حكاه ابن الصلاح عن الباوردي أن النسائي يخرج أحاديث من لم يجمع على تركه فإنما أراد بذلك إجماعاً خاصاً، وذلك أن كل طبقة من نقاد الرجال لا تخلو من متشدد ومتوسط، فمن الأُولى شعبة وسفيان الثوري، وشعبة أشد منه؛ ومن الثانية يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى أشد من عبد الرحمن؛ ومن الثالثة يحيى بن معين وأحمد، ويحيى أشد من أحمد؛ ومن الرابعة أبو حاتم والبخاري، وأبو حاتم أشد من البخاري، وقال النسائي: (لا يترك الرجل عندي حتى يجتمع الجميع على تركه)؛ فأما إذا وثقه ابن مهدي وضعفه يحيى القطان مثلاً فإنه لا يترك لما عرف من تشديد يحيى ومن هو مثله في النقد.
وإذا تقرر ذلك ظهر أن الذي يتبادر إلى الذهن من أن مذهب النسائي في الرجال مذهب متسع ليس كذلك، فكم من رجل أخرج له أبو داود والترمذي تجنب النسائي إخراج حديثه، كالرجال الذين ذكرنا قَبْلُ [تصحفت في مطبوعة النكت إلى قيل] أن أبا داود يخرج أحاديثهم وأمثال من ذكرنا، بل تجنب النسائي إخراج حديث جماعة من رجال الصحيحين 000».
هذا وإني لا أُبعدُ أن يكون في النقل وهمٌ فإن صاحب هذا المذهب المتسع هو أحمد بن صالح المصري وهو معروف به؛ والله أعلم.
ننتظر فوائدكم نفع الله بكم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[29 - 11 - 06, 04:42 م]ـ
تجنب الإمام النسائي الرواية عن (ابن لهيعة)، مع أنهم لم يجمعوا على تركه
ولم يرو عن (عبد الله بن محمد بن عقيل) ولم يجمعوا على تركه
ولم يرو عن (سويد بن سعيد) ولم يجمعوا على تركه، بل روى له مسلم
ولم يرو عن (أبي بن العباس بن سهل بن سعد الساعدي) ولم يجمعوا على تركه، بل روى له البخاري
ولكن ينبغي أن نفرق بين (تجنب الرواية عنه) وبين (لم يرو عنه)، والله أعلم.
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[29 - 11 - 06, 05:13 م]ـ
قال ابن رجب فى شرح العلل
"وقد كان أحمد ابن صالح المصري وغيره، لا يتركون إلا حديث من اجتمع على ترك حيدثه، وحكي مثله عن النسائي."
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[29 - 11 - 06, 05:24 م]ـ
وقال أيضا:
وأما النسائي: فشرطه أشد من ذلك، ولا يكاد يخرج لمن يغلب عليه الوهم، ولا لمن فحش خطؤه وكثر.
قارن بين المذهبين
ـ[ابن السائح]ــــــــ[29 - 11 - 06, 07:06 م]ـ
قال ابن الصلاح في (علوم الحديث) (ص39 - 40): (حكى أبو عبد الله الحافظ أنه سمع محمد بن سعد الباوردي بمصر يقول: كان من مذهب أبي عبد الرحمن النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه). انتهى.
هذا كلام أراه يبعد أن يكون صحيحاً، فهل ورد هذا الكلام في شيء من كتب النسائي، أو ورد في غيرها بإسناد صحيح عنه؟
وأما الباوردي فإن كان قال ذلك نقلاً عن النسائي فأين إسناده؟ وأما إن كان قاله من عند نفسه استقراءً فحينئذ لا يلزم أن يكون مصيباً فيه
جزاكم الله خيرا وكثّر فوائدكم ونفع بعلمكم
عفا الله عني وعمّن أطلق العزو إلى أبي عبد الله الحافظ وأسأله عز وجل أن يرضى عنا جميعًا
فإن أكثر من يقف على ذا الإطلاق يتوهم أنه عن أبي عبد الله ابن البيّع الضبي:)
فيبعد أكثرنا في الانتجاع، لكن لن يقف على ذاك النقل في كتبه
وقد صرح ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث بالنقل عن ابن منده
وقد أحسن السيوطي في تدريبه وفي خطبة زهر رباه إذ نقله عن ابن الصلاح عن ابن منده
ولا بد من التنبيه والتنويه بصاحب ذاك النقل عن الباوردي؛ توثيقًا للنقل، وتنبيهًا على مَخْرَجه ومُخَرِّجه
قال أبو عبد الله الحافظ العبدي الأصبهاني في بيان فضل الأخبار وشرح مذاهب أهل الآثار وحقيقة السنن وتصحيح الروايات ص73:
وسمعت محمد بن سعد الباوردي بمصر يقول: كان من مذهب النسائي أن يخرّج عن كل من لم يُجْمَع على تركه
ثم قال ابن منده: وهكذا أبو داود السجستاني كذلك يأخذ مأخذه ويخرج الإسناد الضعيف؛ لأنه أقوى عنده من رأي الرجال
إذن الناقلُ أبو عبدالله الحافظ ابن منده في كتابه الذي شرح فيه شروط الأئمة
نقل ذلك عن شيخه الباوردي صاحب النسائي
والباوردي هذا من ذوي العناية بالحديث والأثر
وقد صنف كتابًا شهيرًا في معرفة الصحابة
لكن أخباره عزيزة جدًا، ولعدم شهرته يتحرّف على الحُطّاب إلى البارودي!
وكانت للباوردي عناية بالنسائي
وقد قال ابن عدي في خطبة الكامل ص138:
أخبرني محمد بن سعد الباوردي قال: ذكرت لقاسم المطرّز أبا عبد الرحمان النسائي فقال: هو إمام - أو يستحق أن يكون إمامًا - أو كما قال
¥