تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن منهج البخاري في صحيحه أنه قد يروي الحديث في موضع واحد بإسنادين عن شيخين فيجعل المتن للشيخ الثاني منهما، أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 436) وقال: ((وقد ظهر بالاستقراء من صنيع البخاري أنَّه إذا أورد الحديثَ عن غير واحد فإنَّ اللَّفظَ يكون للأخير، والله أعلم)).

ومن منهج البخاري أيضاً في صحيحه أنَّه إذا مرَّت به لفظةٌ غريبةٌ توافق كلمةً في القرآن أتى بتفسير تلك الكلمة التي من القرآن، فيكون بذلك جمع بين تفسير غريب القرآن والحديث، أشار إلى ذلك الحافظ في الفتح في مواضع متعددة انظر على سبيل المثال (3/ 196، 324، 343).

والحافظ ابن حجر - عليه رحمة الله - تَمكَّن من معرفة اصطلاحات البخاري ومنهجه في صحيحه، وقد ذكرتُ في كتاب "الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى" جملةً كبيرةً من الفوائد المتعلقة بذلك من الفائدة (226) إلى (284).

ولأهميَّة صحيح البخاري لقي عنايةً من العلماء في مختلف العصور، وكان على رأس الذين وفِّقُوا للعناية بهذا الكتاب الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة (852هـ)، فقد شرحه شرحاً نفيساً واسعاً جمع فيه ما اقتبسه من غيره مِمَّن تقدَّمَه، وما وفَّقَه الله لفهمه واستنباطه من ذلك الكتاب العظيم، وذلك في كتابه "فتح الباري" الذي يُعتبر حداً فاصلاً بين مَن سبقه ومَن لحقه، فالذين تقدَّموه جَمع ما عندهم، والذين تأخروا عنه صار كتابُه مرجعاً لهم، وقد طُبع كتاب "فتح الباري" في المطبعة السلفية في مصر، واشتملت الأجزاء الثلاثة الأولى منه على تعليقات نفيسة لشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn1))، وقد أُثبت في هذه الطبعة ترقيم أحاديث الكتاب التي وضعها الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي. وطريقته في الترقيم أنَّه يُثبت في أوَّل موضع يَرِدُ فيه ذكرُ الحديث أرقامَه في المواضع الأخرى التي تأتي بعد ذلك، وعند ورود الحديث في تلك المواضع لا يشير إلى الموضع الأول الذي ذُكرت فيه الأرقام، ويمكن الاهتداء إلى الموضع الأول بالنظر في شرح الحافظ ابن حجر للحديث، فقد يشير فيه إلى المواضع المتقدمة، ويمكن ذلك أيضاً بالرجوع إلى "فهارس البخاري" لرضوان محمد رضوان، فإنَّه عندما يأتي للمواضع التي تكرر فيها ذكر الحديث يقول: انظر كذا رقم

كذا، مشيراً إلى الكتاب الذي ورد فيه ذكر الحديث أول مرة ورقمه.

وعددُ كتب صحيح البخاري سبعةٌ وتسعون كتاباً، وعددُ أحاديثه بالتكرار كما في ترقيم الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي (7563) حديثٍ، وفي صحيح البخاري اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً.

2 - صحيح مسلم

وصحيحُ الإمام مسلم يلي صحيحَ البخاري في الصحة، وقد اعتنى مسلمٌ - رحمه الله - بترتيبه، فقام بجمع الأحاديث المتعلقة بموضوع واحد فأثبتها في موضع واحد، ولَم يُكرِّر شيئاً منها في مواضع أخرى، إلاَّ في أحاديث قليلة بالنسبة لحجم الكتاب، ولَم يضع لكتابه أبواباً، وهو في حكم المُبوَّب؛ لجمعه الأحاديث في الموضوع الواحد في موضع واحد.

ومِمَّا تَميّز به صحيح الإمام مسلم إثبات الأحاديث بأسانيدها ومتونها كما هي من غير تقطيع أو رواية بمعنى، مع المحافظة على ألفاظ الرواة، وبيان مَن يكون له اللفظ منهم، ومن عبَّر منهم بلفظ حدثنا، وبلفظ أخبرنا، وقد أثنى الحافظُ ابن حجر في ترجمة الإمام مسلم في كتابه "تهذيب التهذيب" على حُسن عنايته في وضع صحيحه، فقال: ((قلت: حصل لمسلم في كتابه حظٌّ عظيم مفرط لَم يحصل لأحد مثله، بحيث إنَّ بعضَ الناس كان يُفضِّله على صحيح محمد بن إسماعيل، وذلك لِمَا اختَصَّ به من جَمع الطرق وجَودة السياق والمحافظة على أداء الألفاظ كما هي، من غير تقطيع ولا رواية بمعنى، وقد نهج على منواله خَلقٌ من النيسابوريين فلم يبلغوا شَأْوَه، وحفظت منهم أكثرَ مِن عشرين إماماً مِمَّن صنف المستخرج على مسلم، فسبحان المعطي الوهاب)).

وقد قام الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله بالعناية بإخراج صحيح مسلم ووضع فهارس له متعددة مفصلة، وطُبع الكتاب بعمله هذا في أربعة مجلدات أَثبت فيها تراجم الأبواب التي وضعها الإمام النووي - رحمه الله - وهي ليست من عمل مسلم، كما قام بترقيم الأحاديث الأصلية فيه فبلغت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير