سنن الترمذي ويقال له الجامع، مِن أهم كتب الحديث وأكثرها فوائد، اعتنى فيه مؤلِّفُه بجمع الأحاديث وترتيبها، وبيان فقهها، وذكر أقوال الصحابة والتابعين وغيرهم في المسائل الفقهية، ومن لم يذكر أحاديثهم من الصحابة أشار إليها بقوله: وفي الباب عن فلان وفلان، واعتنى ببيان درجة الأحاديث من الصحة والحسن والضعف، وفيه أحاديث رباعية كثيرة، وفيه حديث ثلاثي واحد أخرجه الترمذي في كتاب الفتن (2260)
فقال: ((حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري بن ابنة السدي الكوفي، حدثنا عمر بن شاكر، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله: (يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر). وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه)) انتهى.
وفي إسناده عمر بن شاكر وهو ضعيف، لكن الحديث صحيح بالشواهد، انظر "السلسلة الصحيحة" للألباني رقم (957).
وعددُ كتب جامع الترمذي خمسون كتاباً، وعدد أحاديثه (3956) حديثٍ، وأحسن شروح جامع الترمذي كتاب "تحفة الأحوذي" للشيخ عبد الرحمن المباركفوري المتوفى سنة (1353هـ).
6 - سنن ابن ماجه
سنن ابن ماجه سادس الكتب الستة على القول المشهور وهو أقلُّها درجة، قال الحافظ ابن حجر في ترجمة ابن ماجه في تهذيب التهذيب: ((كتابه في السنن جامعٌ جيِّدٌ كثيرُ الأبواب والغرائب وفيه أحاديث ضعيفة جدًّا، حتى بلغني أنًَّ السريَّ كان يقول: مهما انفرد بخبر فيه فهو ضعيفٌ غالباً، وليس الأمرُ في ذلك على إطلاقه باستقرائي، وفي الجملة ففيه أحاديثُ كثيرةٌ منكرةٌ، والله المستعان)).
وإنَّما اعتُبِر سادسُ الكتب الستة لكثرة زوائده على الكتب الخمسة، وقيل سادسها الموطأ لعُلُوِّ إسناده، وقيل السادس سنن الدارمي.
وأحسن طبعاته الطبعة التي أخرجت بعناية الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي التي رقم فيها الأحاديث فبلغت (4341) حديثٍ، وبلغت كتبه سبعة وثلاثين كتاباً، وذكر الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي في كلام له في آخر السنن أنَّ أحاديثَه الزائدة على الكتب الخمسة بلغت (1339) حديثٍ.
وفي سنن ابن ماجة خمسة أحاديث ثلاثيات الإسناد، كلُّها من طريق جُبارة بن المغلِّس، عن كثير ابن سُليم، عن أنس رضي الله عنه، ثلاثةٌ منها في كتاب الأطعمة (3356) (3357)، (3310)، وفي كتاب الزهد واحد (4292)، وواحد في كتاب الطب (3479)، وجُبارة وكَثير انفرد ابن ماجة عن بقية أصحاب الكتب الستة بإخراج حديثهما، وقال عنهما الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب إنَّهما ضعيفان، وهذه الأحاديث الخمسة من زوائد سنن ابن ماجة على الكتب الخمسة.
وقد ألَّف الشيخ أحمد بن أبي بكر البوصيري المتوفى سنة (840هـ) كتاب "مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة"، وبلغت أحاديثه في بعض طبعاته
(1552) حديثٍ.
وهذه الكتب الستة لَقيت من العلماء عنايةً في أطرافها ورجالها، وأحسن ما ألِّف في أطرافها كتاب أبي الحجاج المزي "تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف" وقد رتَّبه على أسماء الصحابة رضي الله عنهم، وعند كلِّ صحابي يَذكر أسماء التابعين الذين رووا عنه على الترتيب، ثمَّ يذكر الأسانيد من الأئمة أصحاب الكتب الستة إلى التابعين، وهذا الكتاب العظيم يُعتبر بالنسبة للأسانيد بمثابة نُسَخ أخرى لتلك الكتب الستة.
وأحسنُ ما أُلِّف في رجالها بل في رجال مؤلفات أصحابها كتاب "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" لأبي الحجاج المزي، فإنَّه مشتملٌ على أسماء رجال الكتب الستة ورجال مؤلفات أخرى لأصحاب الكتب الستة مثل رجال الأدب المفرد، وجزء القراءة خلف الإمام، وخلق أفعال العباد للبخاري وغيرها.
وأمّا الكتاب المقتصر على رجال الكتب الستة فهو كتاب الكاشف للذهبي.
وقد اعتنى الحافظ أبو الحجاج المزي عند ترجمة كلِّ راوٍ بذكر شيوخه وتلاميذه مرتَّبين على ترتيب حروف الهجاء، ثمَّ يذكر ما قيل في صاحب الترجمة من جرح وتعديل، ويختم الترجمةَ بذكر أسماء الذين خرَّجوا أحاديثَه من الأئمة الستة في كتبهم وفي أوَّل الترجمة يُثبتُ الرموز لهم.
¥