فأجبت عنه: صرح الثوري بالسماع لهذا الحديث عن عاصم بن كليب وهو أيضا في المسند ما لفظه: حدثنا يحيى بن آدم وأبو نعيم قالا ثنا سفيان حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد جعل يديه حذاء أذنيه {مسند أحمد 4/ 318 (18388)}
وفي هذا السند صرح الثوري بالتحديث فرفعت مظنة التدليس. فالحديث صحيح صالح للاحتجاج. -كما لايخفى على من كان له أدنى خبرة بعلم أصول الحديث والتخريج ودراسة الأسانيد ومعرفة الرجال- والله تعالى أعلم.
وقد عرضت هذا التصريح بالسماع عن الثوري لهذه الرواية على الشيخ مبشر أحمد الرباني ـ حفظه الله تعالى ـ عبر الجوال فسر بذلك وقال هذا دليل قوي لرفع مظنة التدليس
لأن الوهم على المدلس إذا عنعن أن سمع هذا الحديث من شيخه أم لا فإذا قال حدثنا أو أخبرنا أو سمعت وساق الحديث بتمامه أو ببعضه فيرفع الوهم عن جميع طرقه.
فبطل شبهة التدليس فالحمد لله تعالى
ولذا لم يذكره الألباني وغيره
الشبهة الثانية:
زعم بعض الناس أن عبد الرزاق خالف فيه الفريابي بأن الفريابي لم يذكر كلمة ’’ ثم سجد ‘‘عن الثوري وذكره عبد الرزاق عن الثوري , وكان الفريابي ملازما للثوري من عبد الرزاق ومنهم الألباني فإنه قال في الصحيحة: قد روى عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم بن كليب بإسناده المتقدم عن وائل .. فذكر الحديث و الافتراش في جلوسه قال: " ثم أشار بسبابته و وضع الإبهام على الوسطى حلق بها و قبض سائر أصابعه , ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه ". فهذا بظاهره يدل على أن الإشارة كانت في الجلوس بين السجدتين , لقوله بعد أن حكى الإشارة: " ثم سجد .. ". فأقول: نعم قد روى ذلك عبد الرزاق في " مصنفه ", و رواه عنه الإمام أحمد (4/ 317) و الطبراني في " المعجم الكبير " و زعم الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تعليقه عليه: " أنه أخرجه الأربعة إلا الترمذي و البيهقي مفرقا في أبواب شتى ". و هو زعم باطل يدل على غفلته عن موجب التحقيق فإن أحد منهم ليس عنده قوله بعد الإشارة: " ثم سجد " , بل هذا مما تفرد به عبد الرزاق عن الثوري , و خالف به محمد بن يوسف الفريابي و كان ملازماللثوري , فلم يذكر السجود المذكور. رواه عنه الطبراني. و قد تابعه عبد الله بن الوليد حدثني سفيان ... به. أخرجه أحمد (4/ 318). و ابن الوليد صدوق ربما أخطأ , فروايته بمتابعة الفريابي له أرجح من رواية عبد الرزاق , و لاسيما و قد ذكروا في ترجمته أن له أحاديث استنكرت عليه , أحدها من روايته عن الثوري , فانظر " تهذيب ابن حجر " و " ميزان الذهبي " , فهذه الزيادة من أوهامه {السلسلة الصحيحة 5/ 309}
وقال الفريابي ثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى وإذا جلس افترش رجله اليسرى ووضع ذراعيه على فخذيه وأشار بالسبابة. {المعجم الكبير للطبراني 22/ 33 (78)}
و أما عبد الرزاق فقالأخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر يعني استفتح الصلاة ورفع يديه حين كبر ورفع يديه حين ركع ورفع يديه حين قال سمع الله لمن حمده وسجد فوضع يديه حذو أذنيه ثم جلس فافترش رجله اليسرى ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى وقبض سائر أصابعه ثم سجد فكانت يداه حذاء أذنيه {مسند أحمد 4/ 317 (18379) , مصنف عبد الرزاق 2/ 68 (2522)}
قال المزي: قال أبو بكر بن أبى خيثمة: سمعت يحيى بن معين و سئل عن أصحاب الثورى، فقال: أما عبد الرزاق، و الفريابى، و عبيد الله بن موسى، و أبو أحمد الزبيرى، و أبو عاصم، و قبيصة و طبقتهم فهم كلهم فى سفيان قريب بعضهم من بعض، و هم دون يحيى بن سعيد و عبد الرحمن بن مهدى، و وكيع، و ابن المبارك، و أبى نعيم. [تهذيب الكمال 18/ 56]
فدرجة الفريابي قريب من درجة عبد الرزاق لكن الفريابي أولى من عبد الرزاق في حديث الثوري كما ذكره ابن حجر فقال: ثقة فاضل، يقال أخطأ فى شىء من حديث سفيان، و هو مقدم فيه مع ذلك عندهم على عبد الرزاق {تقريب التهذيب 1/ 515 (6415)}
فعلم أن الفريابي إن كان مقدم من عبد الرزاق لكنه أخطأ في حديث سفيان وإن كان له طول الملازمة معه وعبد الرزاق إن كان تغير في آخره بعد ما عمي لكن كان حافظا ومن المعلوم أن سماع أحمد بن حنبل منه قبل هذه العارضة قبل تمام المائتين من الهجرية كما ذكره السيوطي في الطبقات {طبقات الحفاظ 1/ 158 ,159 (337)}
فثبت أن كلمة ثم سجد زيادة من ثقة حافظ وزيادة الثقة مقبولة ما لم يكن منافيا للثقات أو الأوثق منه.
و إن كنت تريد المزيد فراجع كلام الألباني في ‘‘ المسح على الجوربين ‘‘ على حديث المغيرة بن شعبة
وفقك الله تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
الراجي إلى مغفرة ربه الظاهر
أبو عبد الرحمن محمد رفيق الطاهر
مدرس مركز ابن القاسم الإسلامي
ملتان
¥