[نظرات في حديث التجديد]
ـ[محمد مسعد ياقوت]ــــــــ[19 - 02 - 07, 03:54 م]ـ
[نظرات في حديث التجديد]
نظرات في حديث التجديد
في هذا القرن نحتاج إلى حركة تجديدية شاملة و متكاملة ومستنيرة
محمد مسعد ياقوت * ( http://www.fustat.com/hadith/yaqout_1_07.shtml#_ftn1#_ftn1)
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها " (1).
إن الأمة الإسلامية في هذا القرن الذي نعيشه في أمس الحاجة إلى تحقق موعود رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..
كما إنها في حاجة إلى معرفة صفات وشروط ذلك المجدد، و سمات ذلك التجديد المنشود. فإليك أخي القارىء تلك الوقفات!
في موضع الحديث:
الناظر إلى موضع هذا الحديث في أبواب السنن ـ وخصوصاً في سنن أبي داود ـ؛ يجد أن الإمام أبي داود ـ صدره في أول باب من كتاب الملاحم، فقال: " كتاب الملاحم .. باب: ما يذكر في قرن المائة. حدثنا سليمان بن داود المهري ..... " فذكر الحديث. والملاحم جمع ملحمة، ويراد بها المعارك والأحداث الجسام التي تقع في المستقبل بين المسلمين وأعدائهم؛ مأخوذة من التحام الجيشين المتحاربين، لذا يذكر أئمة الحديث في هذا الباب الأحاديث النبوية الواردة في قتال المسلمين للترك والرومان واليهود وغيرهم، ونسأل هنا: لماذا كتب أبي داود هذا الحديث في هذا الباب .. ؟ نقول: إن هذا من فقه أئمة الحديث وبراعتهم التصانيف. وذكر أبو داود لهذا الحديث في هذا الموضع في لطائف نراها .. ومنها:
1 - أن المجدد ليس بعيداً عن الأحداث الجسام التي تتعرض لها الأمة، وعن الحروب المعلنة على الإسلام، فليس مكان المجدد في الأبراج العالية بعيداً عن الأحداث التي تعصف بالمسلمين، كما أنه ليس بعيداً عن ذروة السنام: الجهاد. وليس المجدد بالذي لا يضع يده في يد المسلمين في جهادهم ضد أعداء الإسلام.
2 - أن من معاني تجديد الدين انتصار الدين في تلك الملاحم والحروب التي قامت وستقوم لمحاولة هدم الدين. وكأن الإمام أبي داود بتقديمه هذا الحديث على كل أحاديث الملاحم؛ يريد أن يؤكد السن الربانية القائلة بانتصار الدين الإسلامي في نهاية تلك الحروب. فأورد حديث التجديد الذي يبشر بالمكانة والريادة لأمة المسلمين.
3 - أن الملاحم والحروب التي أخبر عنها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ تهدف بالأساس إلى القضاء على هذا الدين، أو تشويهه. فمن ثم يأتي دور المجددين للدفاع عن هذا الدين، وعن ثوابته، ويحيون ما اندرس منه من المعالم بفعل أعداء الإسلام وحروبهم.
4 - أن عملية تجديد الدين عملية جهادية من الدرجة الأولى، وهي تغيظ أعداء الإسلام، لما يقوم به المجددون من إحياء الفرائض الغائبة والسنن المغيبة ومحق البدع والخرافات الدخيلة، لا سيما تلك الأفكار الخبيثة التي دسها أعداء الإسلام في عقول العرب وسلوكياتهم وأخلاقهم. لذا كان الإمام أبي داود فقهياً حقاً عندما كتب هذا الحديث في باب يتحدث عن الجهاد ضد رايات الكفر اليهودية والصليبية.
5 - حاجة الأمة الإسلامية إلى المجددين تكون أشد وأعظم في زمان الفتن والملاحم، لا سيما تلك الحروب المعلنة على الإسلام. إذ وظيفة المجدد هو النهضة بهذه الأمة، والخروج بالأمة من عثراتها. سالمة غانمة منتصرة.
في هدف الحديث:
" يهدف هذا الحديث إلى بعث الأمل في نفوس الأمة " (2).
فهو يريد أن يرسل رسالة إلى أتباع هذه الدنيا مفادها أن هذا الدين لن يموت، وأن الله يقيض لهذه الأمة كل فترة زمنية من يجدد فهمها وأفكارها نحو هذا الدين، وأن الله ـ عز وجل ـ لن يدع هذه الأمة تتيه بعد وفاة رسولها ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقد قرر ـ عز وجل ـ أن يرسل لهذه الأمة من يوقظها من سبات، ويجمعها من شتات، وينصرها من هزيمة، ويحررها من طغيان. وبالتالي فإن هذا الحديث الجليل يقف ضد موجة اليأس والانهزام والقنوط؛ التي يبثها المثبطون والمعوقون؛ الذين يوحون إلى الناس بأن الإسلام في إدبار والكفر في إقبال وأنه لا فائدة و لا أمل في التمكين للمسلمين في الأرض، كما مكن الله الرعيل الأول من أتباع محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ. ومن ثم تأتي وظيفة هذا الحديث وأمثاله ـ من المبشرات ـ بقذف قمم اليأس التي خيمت على النفوس، وحرق
¥