[إستخراج النكت ودقيق الفوائد من الأحاديث ومن اشتهر بذلك من العلماء]
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[28 - 02 - 07, 02:00 ص]ـ
بسم الله .....
لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أوتيت القرآن ومثله معه" "وبعثت بجوامع الكلم"
إتجهت همم وقرائح الأذكياء من العلماء إلى تدبر كلام المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والغوص على ما تضمنه من معانى بديعة وفوائد جليلة وحكم جزيلة
فكما أن كلام الله لا تنقضى عجائبه فكذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتنقضى فوائده وعجائبه
وكما أننا مأمورون بتدبر القرآن والفحص عن معانيه فكذلك نحن مأمورون بتدبر حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما تقدم من الأحاديث ولقول عائشة رضى الله عنها تصف قلة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث بحديث لو عدّه العاد لأحصاه"
مع اتفاق العلماء على عدم تناهى الفروع وصلاحية الشريعة الغراء لكل العصور والدهور
ومعلوم عند جميع طوائف أهل العلوم والفنون أن حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جمّاع لكل العلوم والفنون ففيه علم الحديث وأصوله (المصطلح وقواعد الجرح والتعديل وطرق التحمل ونحو ذلك) والعقيدة وقواعد الرد على المخالف والتعامل معه وعلم الفقه وأصوله والجدل والخلاف وعلم اللغة والبديع والبيان والنحو والصرف وعلم التفسير وأصوله والناسخ والمنسوخ والقراآت والتجويد والتاريخ والقصص وبعض العلوم الدنيوية وغير ذلك من العلوم مما هو معلوم عند أهل العلم .......
وقد تميز بعض أهل العلم _ بسبب توفيق الله والتفاضل فى أسباب هذا التميز كما سيأتى_ عن إخوانهم من العلماء بشدة فحصهم وروعة استنباطهم ودقة فهمهم لحديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فكان الواحد منهم يستنبط من الحديث الواحد مئات الفوائد
ومنهم من يستنبط فائدة أو أكثر من حديث لو اجتمعت فهوم الأتقياء وقرائح الأذكياء على استخراجها لعجزت عن ذلك
ومنهم من كان يستخرج الفوائد فى شتى العلوم بالمنقاش كما قيل ويقال
وقد أجلت خاطرى وحثثت ذهنى على حصر هؤلاء العلماء وتسميتهم فكان من هؤلاء العلماء:
1_أبو عبد الله الشافعى محمد بن إدريس وكلنا يعرف هذا العبقرى النحرير ودقة فهمه لحديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولا غرابة
فقد قال فيه الإمام أحمد كانت أقضيتنا فى أيدى أصحاب أبى حنيفة حتى جاء الشافعى فنزعها منهم أو كما قال
وقال أيضا كان الحديث قفل على أصحابه حتى جاء الشافعى فحله
وقد اشتهر الشافعى فى عصره بصحة ودقة فهمه للحديث وبراعته فى انتزاع الحجج منه حتى سمى فى بغداد بناصر الحديث
وثناء أحمد وغيره من العلماء على عقل الشافعى وصحة أصوله وفهمه للحديث كثير منثور فى كتب التراجم
ونظرة سريعة فى كتب الشافعى وخاصة الأم تؤكد لنا أنه رئيس هذه الطائفة من العلماء وزعيمها
2_ ثم جاء بعد ذلك خريجه من مدرسته فى الفقه وإن لم يتتلمذ عليه لأنه لم يدركه ولكنه تتلمذ على تلامذته وكتبه وأخذ طريقته فى ذلك محمد بن إسماعيل ذاك البخارى النحرير وصاحب الفهم الرصين
فقد أبدى فى مصنفاته خاصة الجامع والأدب المفرد من دقائق الإستنباطات ونفاسة الفوائد ومحاسن الفقهيات ما بهر العقول وحيّر الفحول وأتعب الأذكياء وأتحف العلماء
وذلك مودع فى تراجمه البديعة المنال المنيعة المثال
كيف لا وقد كان يُفضل فى الفقه على أحمد وإسحاق فضلا عن غيرهم
قال إسحاق: يا معشر أصحاب الحديث انظروا إلى هذا الشاب واكتبوا عنه فإنه لو كان في زمن الحسن بن أبي الحسن البصري لاحتاج إليه لمعرفته بالحديث وفقهه
وقال عنه شيوخه هو سيد الفقاء وأفقه خلق الله ولما سئل أحمد عن الحفاظ فذكر أربعة منهم البخارى وقال هو أفقههم فيه يعنى الحديث
وبالجملة فالكلام على معرفته بهذا الشأن تحصيل حاصل لأنه متفق عليه عند العلماء
3_ ثم جاء تلمذه وخريجمه محمد بن إسحاق بن خزيمة الملقب بإمام الأئمة
قال تلميذه ابن حبان فى المجروحين:الجنس الرابع: الثقة الحافظ إذا حدث من حفظه وليس بفقيه، لا يجوز عندي
¥