[شرح موجز لأشرف حديث رواه أهل الشام]
ـ[بندر بن حسن العبدلي]ــــــــ[14 - 03 - 07, 02:51 ص]ـ
هذا شرح مختصر للحديث القدسي الذي يقول فيه الإمام أحمد إمام أهل السنة والجماعة
هو أشرف حديث رواه أهل الشام (لأن رواة هذا الحديث كلهم من أهل الشام وهم أبو ادريس الخولاني الذي كان اذا روى هذا الحديث جثا على ركبتيه رحمه الله)
رواه عن أبي ذر الغفاري ونقله لنا الأمام مسلم في صحيحه.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه سبحانه وتعالى انه قال
((ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي))
الله سبحانه وتعالى الذي لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون يحرم الظلم على نفسه وهو سبحانه الذي يحكم بالعدل والذي أمر بالقسط وقال عن نفسه وماربك بظلام للعبيد وقال أيضاً ان الله لايظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون ويقول الشاعر:
ما للعبادِ عليه حق واجب
كلا ولا سعي لديه ضائع
إن عذبوا فبعدله أو نعموا
فبفضله وهو الكريم الواسع
ثم يقول سبحانه (وجعلته بينكم محرما فلاتظالموا)
أي لايتعدى بعضكم على بعض وقد أخبر سبحانه في محكم التنزيل بأنه لايحب الظالمين فقال سبحانه ((والله لايحب الظالمين)) وبين حالهم في أيات كثيرة فقال سبحانه ((وماللظالمين من أنصار)) وقال سبحانه ((فلا عدوان إلا على الظالمين)) وقال عز من قائل ((والله لايهدي القوم الظالمين)) وأخبر عن مثواهم فقال ((وبئس مثوى القوم الظالمين)) ويخبر سبحانه عن إمهاله لهم فيقول ((ولا تحسبن الله غافلاً عما يعملُ الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار))
وروى البخاري عن عبد الله عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((الظلم ظلمات يوم القيامة))
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال له ((إتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب))
لا تظلمن اذا ماكنت مقتدراً
فالظلم يرجع عقباه إلى الندم
فتنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم
ثم يقول سبحانه (يا عبادي كلكم ضال إلى من هديته فاستهدوني أهدكم)
فمن لم يوفقه الله تبارك وتعالى لسلوك طريق الحق فإنه ضال لامحا له مهما بدت أمامه الحجج، فما علينا إلا أن نطلب الهداية من الله تبارك وتعالى فإذا أقبل العبد على الله وطلبه الهداية ورجاه فإن الله تبارك وتعالى يهديه ولا يرده
ثم يقول سبحانه (يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم)
فهو سبحانه الرزاق ذو القوة المتين الذي تكفل فقال (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها) فيا أيها المحتاج ويا أيها الفقير يا من تسأل الناس أطلب الرزق من مسبب الأسباب من الذي يطعم ولا يطعم ثم ابذل السبب يرزقك الله سبحانه وتعالى ولا تفعل السبب وتنسى خالق الأسباب سبحانه وتعالى
ثم يقول تعالى (يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم)
فمن يكسينا الا الله سبحانه وتعالى
ثم يقول تعالى في هذا الحديث (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم)
نعم فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون والرسول صلى الله عليه وسلم ضرب لنا في ذلك المثل الأعلى فقد كان صلى الله عليه وسلم يستغفر الله في اليوم أكثر من مئة مرة بل كان ربما أستغفر في المجلس الواحد أكثر من سبعين مره، يقول سبحانه وتعالى في حديث آخر (يا ابن ادم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي)
ثم يقول سبحانه وتعالى (يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني)
فإن الخلق لن يضروا الخالق شيئاً فمن كفر فلا يضر إلا نفسه ومن كان صالحاً فلنفسه ولن ينفع الله بشيء
ثم بين ذلك سبحانه فقال (يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحدٍ ما نقص ذلك من ملكي شيئاً)
فلا يزيد ملكه سبحانه بالطاعة ولا ينقص بالمعصية
ثم أخبر سبحانه وتعالى بعد ذلك بما يدل على العطاء الواسع والغنى المطلق الذي لا يحده حد فقال (يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر)
ثم يأتي النداء العاشر والخاتمة المهمة التي يجب أن ينتبه لها كل مخلوق (يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله) نعم فالفضل لله وحده لأنه هو الذي هداه واجتباه ووفقه لطريق الخير (ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) لأن الحجة قد قامت عليه وجاءه النذير
هذا بعض ما تيسر من شرح الحديث وصلى الله وسلم على عبده وخليله محمد.