تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ستتهم - أبو خالد الأحمر وابن المبارك وحاتم بن إسماعيل ويحيى القطان وحماد بن مسعدة وابن عيينة - عن محمد بن عجلان، عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال: "لا أخرج أبدًا إلا صاعًا، إنا كنا نخرج على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من تمر أو شعير أو أقط أو زبيب"، هذا لفظ يحيى القطان.

إلا أن لسفيان بن عيينة فيه زيادة، بيانها في مراحل روايته الآتية - وتقسيم المراحل لزيادة البيان، وإلا فقد تكون غير دقيقة إلى حدٍّ ما -:

الأولى: أثبت حامد بن يحيى وسعيد بن الأزهر عنه زيادة: "أو صاعًا من دقيق"، وروجع فيها - كما في رواية العباس بن يزيد عنه -؛ فقال: "بلى، هو - يعني: الدقيق - فيه".

فقد كان سفيان يثبت لفظة "الدقيق" ويؤكدها.

الثانية: قال محمد بن منصور: (ثم شك سفيان؛ فقال: "دقيق أو سلت" فأثبت محمد بن منصور وعبد الجبار بن العلاء عنه قوله: "من سلت"، وجمع بين السلت والدقيق العباس بن يزيد،

الثالثة: كان الأئمة ينكرون على سفيان بن عيينة هذه الزيادة مع أنه كان يثبتها متأكدًا منها (سواءً كانت الدقيق أو السلت)، قال أبو داود: (قال حامد - يعني: ابن يحيى -: "فأنكروا عليه الدقيق")، وقد بيّن العباسُ بن يزيد بعضَ مَنْ أنكر؛ قال: (فقال له علي بن المديني - وهو معنا -: "يا أبا محمد، أحدٌ لا يذكر في هذا: (الدقيق) ").

قال حامد بن يحيى: "فتركه - يعني: الدقيق - سفيانُ"، أي: لم يَعُدْ يرويه، وعلى هذا جاءت رواية الشافعي والحميدي عنه.

قال أبو داود: "فهذه الزيادة وهمٌ من ابن عيينة"، وأشار النسائي إلى إعلال هذه الزيادة؛ قال - في الكبرى -: "لا أعلم أحدًا قال في هذا الحديث: (دقيقًا) غير ابن عيينة".

الخلاصة:

روى سفيان بن عيينة هذا الحديث بزيادة الدقيق - أو السلت؛ على شكّه -، وسفيان هو "أحد الأعلام، ثقة ثبت حافظ إمام"، ولكن خالفه:

1 - أبو خالد الأحمر،

2 - وابن المبارك،

3 - وحاتم بن إسماعيل،

4 - ويحيى بن سعيد القطان،

5 - وحماد بن مسعدة،

وهؤلاء بين ثقة ثبت حافظ وثقة وصدوق.

ولما كان ذلك كذلك؛ "أنكر" الأئمة هذه الزيادة عليه، وممن أنكر:

1 - جمعٌ من النقاد؛ قال حماد بن يحيى: "فأنكروا عليه الدقيق"، وهذا يفيد أن أئمة النقد في عصره أنكروا عليه،

2 - ومنهم: علي بن المديني،

وبعد هذا الإنكار، توقف سفيان بن عيينة في الزيادة؛ فكان لا يرويها، وهذا قبولٌ منه - رحمه الله - لكلام النقاد،

3 - ثم أنكرها بعد: أبو داود،

4 - والنسائي،

5 - وابن خزيمة؛ قال في التبويب على هذه الحديث: "باب إخراج السلت صدقة الفطر إن كان ابن عيينة ومن دونه حفظه ... "،

6 - والبيهقي؛ قال: "رواه جماعة عن ابن عجلان، منهم حاتم بن إسماعيل، ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح، ويحيى القطان وأبو خالد الأحمر وحماد بن مسعدة وغيرهم = فلم يذكر أحدٌ منهم الدقيق غير سفيان، وقد أُنكر عليه فتركه".

النظر في حال الزيادة:

هذه الزيادة زيادة في متن الحديث، وليست منافيةً لمعنى أصل الحديث من أي وجه، فالأصل فيه تعداد بعض الأموال التي تُخرَجُ في الزكاة، وهذه الزيادة ذكرُ مالٍ لم يُذكر في الأصل.

النتيجة:

أنكر الأئمة على أحد الثقات الأثبات زيادةً زادها وليس فيها منافاة لمعنى أصل الحديث، فقبل راويها إنكارهم - مع أنه كان متأكدًا منها أولاً -، وصار يتركها، "لأنه علم أنه لم يتابع عليها؛ فخشي الوهم" (الشاذ والمنكر، للمحمدي، ص324).

ولو كانت المنافاة تشترط عند أئمة الحديث لِرَدِّ زيادات الثقات؛ لَصَاحَ بذلك سفيان بن عيينة على من أنكر عليه، ولَمَا قبل منهم إنكارهم - خاصةً أنه كان كالمتأكد من زيادته -، وهذا لازمُ القول باشتراط المنافاة.

فائدة: في هذا المثال أمران:

1. ابتداء الأئمة إنكارَ زيادة الثقة - ولو كان ثبتًا حافظًا - إذا تبيّن خطؤها ولو لم تكن منافية لمعنى أصل الحديث،

2. وقبول الأئمة ذلك الإنكار.

يتبع - بعون الله -.

ـ[ابن القطان العراقي]ــــــــ[24 - 03 - 07, 07:23 م]ـ

بارك الله فيك فهذه من دقائق الامور التي لا يفهمها الا المبرزين في هذا الفن وأعتقد أن شيخنا المحمدي من أوائل الباحثين المعاصرين الذين نبهوا الى هذه المسألة.وفقه الله

ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[25 - 03 - 07, 07:11 م]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير