تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن هذا العمل جعلهم في بعض الأحيان يتبعون قواعد صماء لا ينظرون فيها إلى معاني الحديث أو فقهه، أو مخالفته، أو موافقته للقواعد العملية للشريعة التي سار عليها المتقدمون، وأدخل هذا العلم في متاهات صعبة.

إن الاعتماد على الإسناد حسب، واستناداً إلى توثيق الرجال وتضعيفهم جعلهم يلزمون المتقدمين بأشياء لم تكن تلزمهم، كما فعل الإمام الدار قطني في الإلزامات والتتبع، وكما فعل أبي عبد الله الحاكم في المستدرك مع كثرة أخطائه ([44] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn44))، ولكنه بلا شك جاء بكثير من الأسانيد التي استخدمها الشيخان في كتابيهما ولكنهما لم يرويا هذه الأحاديث التي ساقها أو غيرها لأسباب لا نعرفها عموماً، ومن َثمّ أخذت فكرة الأسانيد التي على شرط البخاري، أو شرط مسلم تظهر منذ ذلك الوقت المبكر عند المتأخرين مما خلق إرباكاً كبيراً ومساءلات لا حد لها في الأحاديث التي أوردها المتأخرون بموجب هذه القواعد النقدية التي لم يعرفها المتقدمون، ولا عملوا بها.

يقول أستاذنا الدكتور بشار: " شاع عند المتأخرين، ومنهم الحاكم، من قول: إن هذا الحديث على شرط الشيخين، أو على شرط البخاري، أو على شرط مسلم، وكأن شروطهما كانت معروفة لكل أحد من الناس، نعم، حاول بعض المتأخرين معرفة شروط الشيخين بالاستقراء ونقل بعض النصوص، كما فعل محمد بن طاهر المقدسي ت507 هـ، والحازمي ت584 هـ، ولكن هذا في حقيقة أمره مجرد تخمين واستنتاجات قائمة على استقراء غير تام لصنيع الشيخين في كتابيهما، فإن أحداً لا يمكنه الجزم بالطريقة التي تم بموجبها اختيار المؤلفين أحاديث كتابيهما، قال ابن طاهر المقدسي في مقدمة كتابه: " اعلم أن البخاري ومسلماً ومن ذكرنا بعدهما لم ينقل عن واحد منهم أنه قال: شرطت أن أخرج في كتابي ما يكون على الشرط الفلاني، وإنما يعرف ذلك من سبر كتبهم فيعلم بذلك شرط كل رجل منهم " ([45] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn45))، وقد انتقى الشيخان من الأحاديث انتقاءً لا ندرك تماماً الأسس التي تم بموجبها هذا الانتقاء، فلا ندري مثلاً لماذا انتقيا من موطأ مالك هذه الأحاديث، ولماذا انتقيا هذه المرويات من حديث نافع مولى ابن عمر t ؟ ولماذا انتقيا هذه المرويات من أحاديث الثقات أمثال: أيوب السختياني، وجرير بن حازم،وجعفر بن إياس اليشكري، والليث بن سعد،وعبيد الله بن عمر العمري، وغيرهم .. ، فلماذا أخذا من مروياتهم ما أخذا وتركا ما تركا؟؟ فليس هناك من جواب إلا القول بالانتقاء.

وقل مثل ذلك في الرواة المتكلم فيهم الذين أخرجا لهما في صحيحيهما، إذ انتقيا من أحاديثهم أصحها، أو قل أسلمها من العيوب مما يصلح في بابه، إذ أخرجاها في غير أبواب الحلال والحرام. واستعاض بعضهم بقولهم: " رجاله رجال الصحيح "، أو" رجاله رجال البخاري"، أو " رجاله رجال مسلم ". وهذا فيه نظر من وجهين:

الأول: إن كون رواة الإسناد من رجال الشيخين أو أحدهما لا يعني أن الشيخين قد أخرجا بهذا الإسناد، أعني برواية الواحد عن الآخر ...

الثاني: أن الشيخين قد رويا لرجال من رجالهما ممن عرفوا بالضعف، فانتقيا قليلاً، أو كثيراً من حديثهم الصحيح، فكيف عندئذٍ نوهم بأن حديث مثل هذا الشيخ أو الراوي صحيح في جملته …." ([46] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn46)).

وحاول بعض المتأخرين أن يجدوا أشياء جديدة فاتت المتقدمين – بزعمهم- كأن يوصلوا المرسل، ويرفعوا الموقوف، أو يزيدوا في لفظة ما لم تكن معروفة عند المتقدمين وهي بجميعها إما أن تكون مما تركه المتقدمون لعلة فيه، أو سرقه السراقون.

فمن أمثلة ذلك: قال رسول الله e:" أنا مدينة العلم وعلي بابها " ([47] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=565260#_ftn47)).

قلت: جاء هذا الحديث من طرق متعددة هي أكثر من سبعة عشر طريقاً عن ثلاثة من الصحابة: " علي، وجابر، وابن عباس " y .

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير