تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالجواب بكل سهولة أن يقال له: أنت الآن خلطت في المسألة؛ فهل إذا جاءك الحديث من طريقين كما تزعم الآن عن أبي بكر وعمر وعن علي، أو جاءك أحد واستحلفته،أو وجدت أنه حُلف فحلف على ذلك الحديث ينتهي الأمر وتقبله؟ فتجد أن يقول: لا؛ لأن الحديث ما يزال عنده بتلك الصورة حديث آحاد، لكنه كالذي يصطاد في الماء العكر؛ فهو يريد من هذه الأمور أن يطعن فقط، ولا يريد أن يستدل بها.

فتقول: إما أن تأخذ هذه الأحاديث برمتها، وإما أن تدعها برمتها؛ فهي ليست من اختصاصك.

أما الجواب عن هذه الأحاديث على التفصيل فنقول: حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه لم يقبل حديث المغيرة بن شعبة في توريث الجدة إلا بعد أن شهد معه محمد بن مسلمة الأنصاري (4)، فهذا الحديث حديث ضعيف.

وأما حديث عمر بن الخطاب الذي طلب فيه من أبي موسى الأشعري أن يأتيه بشاهد يشهد معه في حديث الاستئذان (5)، وهذا منهج لهم معروف، وهو أنهم يتحرزون في رواية الحديث عن الرسول.

وأيضاً هو قد تعجب عجباً تاماً؛ إذا كيف أنه كان ملازماً للنبي (وفاتته هذه السنة العملية طيلة هذه السنوات ولم يحفظها؟ فأراد أن يتوثق، والدليل أنه في نهاية الحديث قال لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: (أما إني لم أتهمك ولكني أحببت أن أتثبت).

وإذا ما نظرنا إلى عمر بن الخطاب فنجد أن هذا ليس منهجاً موجوداً عنده في جميع الأحيان، فهو قد قيل حديث عبد الرحمن بن عوف فقط في الطاعون - وهو فرد - ولم يطلب منه شاهداً ولا بينة، وقيل حديثه أيضاً في مسألة ضرب الجزية على المجوس، أن النبي (قال: (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) (6)، ولم يأت بهذا الحديث إلا عبد الرحمن بن عوف، وهكذا في أحاديث كثيرة فيها أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أحاديث من بعض الصحابة ولم يستحلفهم ولم يطلب منهم البينة.

وأما حديث علي بن أبي طالب (7) أنه كان يستحلف، فهذا الحديث بنفسه حجة على من ذكره؛ لأنه قال: (حدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر)، ولم يقل (استحلفت أبا بكر) - في نفس الحديث.

وأيضاً الحديث في حد ذاته ضعيف، ويدل على ضعفه أن علي بن أبي طالب كان يقبل حديث الواحد، ففي حديث المذني يقول: (كنت امرءاً مذاءً؛ فاستحيت أن أسال رسول الله (عن حكم المذي؛ لمكان ابنته مني .. ) إلى أن قال: (فأرسلت المقداد بن الأسود، فسأله، فأخبره بأن أغسل فرجي وأنضح) (8)، إذن قبل حديث المقداد بن الأسود، ولم يستحلفه ولم يشكك إطلاقاً في قبول خبره. أ. هـ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير