تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - الأمر الأول: أن أبا حاتم ينفي التدليس عن أبي قلابة فعلاً، وأن ذلك هو مقتضى كلامٍ للذهبي والمعلمي نقله، وتكون رواية أبي قلابة عن النعمان بن بشير منقطعة واضحة الانقطاع عند أبي حاتم [6]، وإنما قال الشريف ذلك لأن الانقطاع الخفي تدليس لا يصح نفيه عن فاعله عنده، وهو دليل على التلازم بين الوصف بالتدليس ورواية المعاصر عمن لم يسمع منه.

إلا أن هذا الجواب من الواضح أنه لا يصح لتصريح أبي حاتم بأنه لا يعلم لأبي قلابة سماعاً من النعمان مع جزمه بإدراكه له، وهذه الصورة من الانقطاع لا يصح وصفها بالوضوح مطلقاً.

2 - والأمر الثاني: أن أبا حاتم إنما يقصد بنفيه التدليس خصوص رواية أبي قلابة عن معاذة، وأنه لا يعرف له تدليس عنها، لا أنه ينفي التدليس عن أبي قلابة مطلقاً [7].

وهذا الجواب خلاف ظاهر عبارة أبي حاتم لدلالتها على العموم من جهة كون التدليس المنفي عن أبي قلابة نكرة في سياق النفي وهي تعم كما هو معلوم، وثمة ما يدل على عدم صحة جواب الشريف هذا غير ما في ظاهر عبارة أبي حاتم من العموم إلا أنني لست بصدد بيان ذلك.

وإنما القصد من إيراد جواب الشريف العوني هنا الاستدلال به على اعتقاده التلازم بين التدليس ورواية المعاصر عمن لم يسمع منه، فلولا أنه يرى لزوم وصف رواية المعاصر عمن لم يسمع منه بالتدليس لما تكلف حمل نفي أبي حاتم التدليس عن أبي قلابة على أن المراد منه نفيه عن رواية معينة لا نفيه مطلقاً.

ثالثاً: تأويله لقول الخطيب عند بيانه للفرق بين التدليس والإرسال بأنه يريد بالإرسال الإرسال الظاهر الجلي، وتعليله ذلك التأويل بأن الخطيب لو كان يريد بالإرسال رواية المعاصر ما لم يسمعه لكان يفارق بين التدليس والتدليس، وقد تقدم قوله هذا عند ذكر تفسير كلام الخطيب في التدليس، وسيأتي نظير له عند ذكر الأدلة على أن قصد الإيهام هو الفارق.

وهذا التأويل والتعليل من أوضح الدلائل على كون رواية المعاصر ما لم يسمعه من قبيل التدليس عند الشريف العوني ولا بد.

هذه بعض الشواهد على قوله بلزوم وصف رواية المعاصر ما لم يسمعه بالتدليس، وثمة شواهد في كلامه كثيرة تدل على هذا المعنى غير أن فيما ذكرت كفاية إن شاء الله تعالى.

وخلاصة قول الشريف العوني هو أن العمدة عدم وجود فرق بين التدليس وما يسمى بالإرسال الخفي، فكل إرسال خفي تدليس وكل تدليس إرسال خفي، وأما الإرسال الظاهر فالفرق بينه وبين التدليس ظاهر، وهو أن التدليس رواية المعاصر ما لم يسمعه، والإرسال هو رواية غير المعاصر ما لم يسمعه.

وهذا القول يعتبر الإرسال الخفي المجرد عن الوصف بالتدليس لا وجود له، فوصف رواية المعاصر ما لم يسمعه بالتدليس - عنده - أمر لازم لا مناص عنه ولا محيد، والله تعالى أعلم.


[1] المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس (1/ 216).

[2] إجماع المحدثين ص (144).

[3] المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس (1/ 74).

[4] الجرح والتعديل (5/ 57).

[5] المراسيل لابن أبي حاتم ص (110).

[6] انظر المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس (1/ 64).

[7] انظر المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس (1/ 66).

ـ[سعيد بن محمد المري]ــــــــ[15 - 04 - 07, 01:31 م]ـ
المبحث الثالث: حقيقة الفرق

بين التدليس والإرسال

بعد هذا العرض المتقدم للأقوال في التفريق بين التدليس والإرسال أكاد أجزم بأن الصواب هو القول الأول، والذي يقتضي أن يكون الفرق بين التدليس والإرسال هو تقصد الراوي لإيهام السماع وعدم تقصده، وهو قول الخطيب البغدادي، بل أزعم أنه قول كافة النقاد، والأدلة في الحقيقة على هذا الزعم كثيرة جداً، غير أني سأحاول أن أنظم عقدها في عناوين كلية أجعل تحت كل عنوان طرفاً من تلك الأدلة، وكما قيل يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.

ثم إنه يمكن تقسيم تلك الأدلة إلى قسمين في مطلبين؛ المطلب الأول في الأدلة نظرية، والمطلب الثاني في الأدلة التطبيقية، فأقول:

المطلب الأول: الأدلة النظرية على كون

تقصد الإيهام هو الفارق بين التدليس والإرسال

في هذا المطلب عدد من الأدلة إلا أن الوقت المخصص للبحث يضيق عن استيعابها، غير أن من أهم تلك الأدلة النظرية أربعة أدلة، وهي؛

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير