تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[شرط الإمام أحمد في مسنده.]

ـ[خالد جمال]ــــــــ[11 - 04 - 07, 05:56 م]ـ

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

فهذا مبحث جمعت فيه ما تيسر من أقوال العلماء في شرط الإمام أحمد –رحمه الله - في مسنده، والكتاب غنيٌ عن التعريف، إذ كان مُصنِّفُه الإمام المقدّم في معرفة هذا الشأن.

قال شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله -:" نَزَّه أحمد مُسندهُ عن أحاديثِ جَماعةٍ يَروي عنهم أهلُ السُّننِ، كأبي داود والترمذي، مثل نُسخَةِ كثير بن عبدالله بن عمرو بن عبد عوفِ المزني، عن ابيه، عن جده، وإن كان أبوداودَ يروي في سُنَنِهِ منها، فشرطُ أحمدَ في مُسنَدِهِ أجودُ من شَرطِ أبي داودَ في سُنَنِهِ ".اهـ (قاعدة في التوسل والوسيلة) وقال أيضاً:" وليسَ كُلُّ ما رواه احمد في المسند وغيره يكون حجة عنده بل يروي ما رواه أهل العلمِ، وَشَرطُهُ في المسنَدِ: أن لا يروي عن المعروفينَ بالكذِبِ عنده و أن كان في ذلكَ ما هو ضَعيفٌ وَشَرطُهُ في المسنَدِ مثلُ شرطِ أبي داود في سُنَنِهِ ".اهـ (منهاج السنة) ج7 صـ96 - 97

وقد رد الإمام ابن القيم – رحمه الله - قول الحافظ أبي موسى المديني في كتاب (خصائص المُسنَد) أَنَّ:" ما أودعه الإمام أحمد رحمه الله تعالى مسنده قد احتاط فيه إسناداً ومتناً ولم يورد فيه إلا ما صح عنده " صـ16

فقال: فإنَّ هذه المقدمة لا مُستَند لها البتة بل أهلُ الحديث كلهم على خِلافها والإمام أحمد لم يشترط في " مُسنَدِهِ " الصحيح ولا التزمه وفي مسنده عدة أحاديث سئل هو عنها فضعفها بعينها وأنكرها. اهـ (الفروسية) صـ 188

ثم أورد ابن القيم عدداً من الأحاديث التي تؤيد ما ذهب إليه ومنها:

"كما روى حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة يرفعه " إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصيام حتى يكون رمضان ".

وقال حرب سمعت أحمد يقول هذا حديث منكر ولم يحدث العلاء بحديث أنكر من هذا وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث به البتة ". (الفروسية) صـ188وروى " أنه لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه "

وقال المروزي لم يصححه أبو عبد الله وقال ليس فيه شيء يثبت " اهـ. المصدر السابق صـ190

ثم قال ابن القيم بعد هذه الأحاديث: وبهذا يُعرَفُ وهم الحافظ ابي موسى المديني في قوله: إنَّ ما خرَّجه الإمام أحمد في "مسنده"فهو صحيح عنده".اهـ المصدر السابق صـ201

ويدل لهذا قول شيخ الاسلام ابن تيمية:" وقد يروي الإمام أحمد و اسحاق و غيرهما أحاديث تكون ضعيفة عندهم لاتهام رواتها بسوء الحفظ و نحو ذلك ليُعتَبَر بها ويُستشهدَ بها فانه قد يكون لذلك الحديث ما يشهد له انه محفوظ وقد يكون له ما يشهد بأنه خطا و قد يكون صاحبها كذبها في الباطن ليس مشهوراً بالكذب بل يروى كثيراً من الصدق فيُروى حديثه. اهـ (منهاج السنة) ج7/ 53

وقد نقل ابن القيم حكاية حنبل بن اسحاق قال: جمعنا أحمد بن حنبل أنا وصالح وعبد الله وقرأ علينا المسند وما سمعه منه غيرنا وقال لنا هذا كتاب جمعته من سبع مئة ألف وخمسين ألف حديث فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله فارجعوا إليه فإن وجدتموه فيه وإلا فليس بحجة.

قلت: هذه الحكاية قد ذكرها حنبل في " تاريخه " وهي صحيحة بلا شك لكن لا تدل على أن كل ما رواه في المسند فهو صحيح عنده فالفرق بين أن يكون كل حديث لا يوجد له أصل في المسند فليس بحجة وبين أن يقول كل حديث فيه فهو حجة وكلامه يدل على الأول لا على الثاني.

وقد استشكل بعض الحفاظ هذا من أحمد وقال: في الصحيحين أحاديث ليست في المسند وأُجيب عن هذا بأن تلك الألفاظ بعينها وإن خلا المسند عنها فلها فيه أصول ونظائر وشواهد وأما أن يكون متن صحيح لا مطعن فيه ليس له في المسند أصل ولا نظير فلا يكاد يوجد ألبتة. (الفروسية) صـ208

وأخيراً يتلخص

" ومسند أحمد أدعى قوم فيه الصحة وكذا في شيوخه وصنف الحافظ أب موسى المديني في ذلك تصنيفا والحق أن أحاديثه غالبها جياد والضعاف منها إنما يوردها للمتابعات وفيه القليل من الضعاف الغرائب الافراد أخرجها ثم صار يضرب عليها شيئاً فشيئاً، وبقي منها بعده بقية.

وقد ادَّعى قومٌ أن فيه أحاديث موضوعات وتتبع شيخنا الإمام الحافظ أبو الفضل العراقي من كلام ابن الجوزي في الموضوعات تسعة أحاديث أخرجها من المسند، وحكم عليها بالوضع، وكنت قرأت ذلك الجزء عليه ثم تتبعت بعده من كلام ابن الجوزي في الموضوعات ما يلتحق به فكملت نحو العشرين ثم تعقبت كلام ابن الجوزي فيها حديثاً حديثاً فظهر من ذلك أن غالبها جياد وأنه لا يتأتى القطع بالوضع في شيءٍ منها، بل ولا الحكم بكون واحد منها موضوعًا إلا الفردُ النادر مع الاحتمالِ القوي في دفع ذلك وسَمَيته (القولُ المُسدد في الذبِ عنِ ُمسنَدِ أحمد) ".اهـ مقدمة (تعجيل المنفعة).

والحمد لله رب العالمين

جمع الفقير الى عفو ربه

خالد بن جمال

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير