تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هناك طائفة من العلماء ذهبت إلى أنه يقصد: صالح للاحتجاج، ولذلك حينما يوردون حديثاً سكت عنه أبو داود في كتابه السنن يقولون: وهذا الحديث أقل أحواله أنه حسن، لأن أبا داود سكت عنه وهو لا يسكت إلا عن حديث على أقل الأحوال أنه حسن.

وهناك طائفة من العلماء يرون أنه يسكت عن الحديث على أنه صالح للاعتبار، وإلى هذا المذهب ذهب الحافظ ابن حجر رحمه الله.

والخلاصة في ذلك: أننا إذا تأملنا تلك الأحاديث التي يوردها أبو داود فنجد فيها فعلاً أنه تكلم عن بعض الأحاديث التي فيها –كما يقول- وهن شديد، ولعل أقرب الأمثلة على هذا إخراجه لحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما في صفحة حجاب المرأة: (وإن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهاذ – وأشار إلى وجهه وكفيه).

وأبو داود –رحمه الله- حينما أخرج هذا الحديث قال: (هذا حديث مرسل، خالد بن دريك لم يدرك عائشة) فبين علة الحديث. فهذا الحديث يصلح أن يكون نموذجاً للأحاديث التي يتكلم عنها أبو داود ويبين ضعفها ووهنها.

هناك الفئة الأخرى وهي (المسكوت عنها)، نجد أن الأحاديث المسكوت عنها في الغالب أنها أحاديث صحيحة، بل كثير منها مخرج في الصحيحين أو في أحدهما، وهذه لا ينص عليها أبو داود أي أن الأحاديث الصحيحة لا يتكلم عنها، بل يسكت.

وهناك أحاديث فيها ضعف، ويسكت عنها أبو داود، ولكن ضعفها ضعف محتمل يصلح لأن يكون صالحاً في الشواهد والمتابعات.

وكذلك أيضاً نجده سكت عن أحاديث فيها نكارة، وفيها وهن أو ضعف شديد، ونذكر لذلك حديثاً كمثال لما نحن بصدده من الأحاديث التي فيها نكارة، وذلك: ما أخرجه في كتاب الأدب من طريق سلم بن قتيبة عن داود بن أبي صالح عن نافع عن ابن عمرا أن النبي ?: (نهى أن يمشي الرجل بين المرأتين).

هذا الحديث نجد أن العلماء حكموا عليه بالنكارة، وذلك لأن فيه داود بن أبي صالح هذا وهو منكر الحديث، فهذا يحرم ما ذكره أبو داود.

ولكن هل هذه الأحاديث التي سَكت عنها أبو داود ـ وفيها وَهن شَديد ولم يُبينها ـ كثيرة؟

الجواب: لا، إنما هي أحاديث قليلة، ولعلّ النادر لا حكم له ولا يقاس عليه.

أما الأحاديث التي سكت عنها وهي ضعيفة، فهي كثيرة في كتابه السنن، وهذا يدفعنا إلى توجيه عبارته على أنه يقصد بصالح، أنه صالح للاعتبار لا صالح للاجتجاج.

اللهم إلا أن يكون كلام أبي داود يمكن أن يفسر تفسيراً آخر، وهو أنه يمشي على قاعدة شيخه الإمام أحمد، وهو أنه إذا لم يجد في الباب شيئاً سوى ذلك الحديث الضعيف، فالحديث الضعيف أحتّ إليه من آراء الرجال، وهو مقدم عنده على آراء الرجال، فبناءً على هذا يمكن أن يوجه الكلام، ولكن الغريب أننا نجد في الباب أحاديث غير هذا الحديث الضعيف، ومع ذلك يورده أبو داود ويسكت عنه، فهذا يعكرّ على مثل هذا التوجيه.

ثناء العلماء على السنن وإعجابهم به:

أما كتاب السنن فيعتبر في الحقيقة من الكتب البديعة التي أعجب بها العلماء إعجاباً شديداً، وذلك لجودة مادته العلمية، وليس أدلّ على ذلك أن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ استجاد هذا الكتاب واستحسنه حينما عرضه عليه أبو داود،وتوافرت كلمات العلماء في الثناء عليه، بل من جوانب الثناء عليه نجد هذه الخدمات التي قدمت لهذا الكتاب. فكم من الشروح التي لهذا الكتاب، فهناك شرح للخطابي، وهناك تخريجات للمنذري، وهناك شرح " ابن رسلان"، وهناك شرح لابن القيم، وغير ذلك من الشروح كثير، وكثيرٌ منها لم يكمل مثل شرح لـ " مسعود الحارثي"، وسرح لـ " مغلطاي"، وغيرهما.

كما أن هناك بعض من ألّف في شيوخ أبي داود كالجيّاني ـ رحمه الله تعالى ـ ألّف كتاباً في شيوخ أبي داود، وبالإضافة للخدمات المشتركة التي قدمت لهذا الكتاب مع سائر الكتب الستة، كالتأليف في رجالهم عموماً، أو في أحاديثهم وترتيبها على الأطراف كما صنع ابن عساكر في الأطراف التي صنعها الستة كلها، كل هذا بسبب جود ة هذا الكتاب كما ذكرت.

استدراك وتنبيه:

كما أنني أستدرك شيئاً أريد أن أنبه عليه وهو أن كتاب المراسيل الذي طُبع على حدة، فإن بعض الناس يظن أنه كتاب مستقل! فأبو داود ألّف كتاب السنن وألف كتاب المراسيل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير