[مراتب العلماء كما ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم (من نفائس ابن حزم)]
ـ[احمد بن فارس السلوم]ــــــــ[12 - 04 - 07, 04:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال البخاري رحمه الله تعالى (79):
نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ، نَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضاً، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ، قَبِلَتْ الْمَاءَ، وأَنْبَتَتْ الْكَلاَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ، أَمْسَكَتْ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ، لاَ تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تُنْبِتُ كَلاَ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْساً، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ".
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ إِسْحَاقُ "وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَبلَت الْمَاءَ".
هذا الحديث من جوامع الكلم التي جمع فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم مراتب العلماء ومنازلهم، ولأبي محمد بن حزم شرح على هذا الحديث لطيف، هو من نفائس مقالاته، وبدائع قلمه.
قال رحمه الله تعالى:
قد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مراتب أهل العلم دون أن يشذ منها شيء، فالأرض الطيبة النقية هي مثل الفقيه الضابط لما روى، الفهم للمعاني التي يقتضيها فهم النص، المتنبه على رد ما اختلف فيه الناس إلى نص حكم القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الاجادب الممسكة للماء التي يستقي الناس منها، فهي مثل الطائفة التي حفظت ما سمعت أو ضبطته بالكتاب و أمسكته، حتى أدته إلى غيرها غير مغير، ولم يكن لها تنبه على معاني ألفاظ ما روت، ولا معرفة بكيفية رد ما اختلف الناس فيه إلى نص القرآن والسنة التي روت، لكن نفع الله بهم في التبليغ، فبلغوه إلى من هو أفهم بذلك، فقد أنذر الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا إذ يقول: " فرب مبلغ أوعى من سامع"، وكما روي عنه عليه السلام: "فرب حامل فقه ليس بقيه".
قال أبو محمد: فمن لم يحفظ ما سمع ولا ضبطه، فليس مثل الأرض الطيبة، ولا مثل الأجادب الممسكة للماء، بل هو محروم معذور أو مسخوط، بمنزلة القيعان التي لا تنبت الكلأ ولا تمسك الماء، وفي هذا كفاية بيان، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: فمن استطاع منكم فليكن من أمثال الأرض الطيبة، فمن حرم ذلك فمن الأجادب، وليس بعد ذلك درجة في الفضل والبسوق، ونعوذ بالله من أن نكون من القيعان، لكن من استقى من الأجادب ورعى من الطيبة فقد نجا، وبالله التوفيق أهـ
المصدر: (الإحكام في أصول الأحكام 130 - 131).
ـ[ابن السائح]ــــــــ[12 - 04 - 07, 05:08 م]ـ
جزاك الله خيرا
نقل نفيس
ـ[محمد العامر]ــــــــ[13 - 04 - 07, 11:12 م]ـ
للإمام ابن القيم رحمه الله كلام نفيس حول هذا الحديث قريب من كلام الإمام ابن حزم رحمه الله، ولكن لا يحضرني الآن في أي كتبه؟
ـ[ابو هاجر المهاجر]ــــــــ[14 - 04 - 07, 10:31 ص]ـ
جزاك الله خير اخوي احمد ورحم الله الامام ابن حزم وجعلنا الله واياكم أمثال الأرض الطيبة
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[15 - 08 - 08, 07:21 ص]ـ
جزآكم الله خيرا
ـ[أبوصهيب المغربي]ــــــــ[15 - 08 - 08, 02:48 م]ـ
بارك الله فيك ..
وكم لهذا الإمام الأشم من نفائس، .. أضل أقلب يدي عجبًا مما يأتي به رحمات ربي عليه.