كثرت الآراء فى تحليل هذه العبارة وأشكل أمرها كثيرا , لأن الحسن قاصرعن درجة الصحيح فكيف يجمع بينهما فى حديث واحد.
فأذكر المذهب المختار فيه حذرا من الإطالة.
قال ابن صلاح: إن ذلك راجع إلى الإسناد فإذا روى الحديث الواحد بإسنادين أحدهما إسناد حسن والآخر إسناد صحيح استقام أن يقال فيه أنه حديث حسن صحيح , أى أنه حسن بالنسبة إلى إسناد صحيح بالنسبة إلى إسناد آخر" ([46] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn46)).
وعمم ابن دقيق العيد الحسن من الصحيح فقال:
والذى أقول: أن الحسن لا يشترط فيه قيد القصورعن الصحيح وإنما يجيئه القصور حيث إنفرد الحسن يعنى إذا إقتصر على قوله" حسن " فالقصور يأتيه من قيد الإقتصار لا من حيث حقيقته وذاته , أما إذا يرتفع إلى درجة الصحة فالحسن حاصل لا محالة تبعا للصحة ...
حاصل كلامه:
أنه يجتمع فى الراوى صفة الدنيا كالصدق والصفة العلياء كالحفظ والإتقان , فإذا وجدت الدرجة العلياء لم يناف ذلك وجود الدنيا, فيصح أن يقال فى هذا: إنه حسن بإعتبار وجود صفة الدنيا وهى الصدق مثلا , صحيح بإعتبار الصفة العلياء وهى الحفظ والإتقان" ([47] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn47)).
فيلزم من هذا أن كل صحيح عنده حسن وليس كل حسن صحيحا لكنه مخالف لاصطلاحات الترمذى لأنه إشترط فى الحسن أن يروى نحوه من وجه آخرولم يشترط ذلك فى الصحيح ويظهر من صنيع الإمام أنه يميزبين الحسن والصحيح حيث إستعملاهما مفردين" ([48] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn48)).
قال ابن حجر فى تحقيق قوله "حسن صحيح ":
"فإن جمعا فى وصف حديث واحد كقول الترمذى وغيره "حسن صحيح ".
1. فللتردد الحاصل من المجتهد فى الناقل هل إجتمعت فيه شروط الصحة أو قصرعنها وهذا حيث يحصل منه التفرد بتلك الرواية. ومحصل الجواب أن تردد أئمة الحديث فى حال ناقله إقتضى للمجتهد ألا يصفه بأحد الوصفين فيقال فيه "حسن" بإعتبار وصفه عند قوم , "صحيح" بإعتبار وصفه عند قوم وغاية ما فيه أنه حذف حرف التردد (أو) لأن حقه أن يقول حسن أو صحيح.
الملاحظة: كلامه هذا يصدق على قول الترمذى"حسن صحيح غريب" وسيأتى بيانه.
2. وإلا أى إذا لم يحصل التفرد فإطلاق الوصفين معا على الحديث يكون بإعتبارإسنادين أحدهما "صحيح" والآخر"حسن" , وعلى هذا فما قيل فيه "حسن صحيح" فوق ما قيل فيه "صحيح" فقط إذا كان فردا لأن كثرة الطرق تقوى" ([49] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn49)).
وهذا القول الثانى موافق لما قال ابن الصلاح وهو المذهب المختار.
مثال لقول الترمذى " حسن صحيح":
حديث: " لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها كلها فاقتلوا منها كل اسود بهيم" ([50] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn50)).
رواه عن أحمد بن منيع عن هشيم عن منصور بن زاذان ويونس بن عبيد عن الحسن عن عبد الله بن مغفل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .... .
قال: وفي الباب عن بن عمر وجابر وأبي رافع وأبي أيوب
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن مغفل "حديث حسن صحيح"
ثم روى فى الباب الذى يليه: " من أمسك كلبا ما ينقص من أجره ".
عن عبدالله بن مغفل , قال:
حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي حدثنا أبي عن الأعمش عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن عبد الله بن مغفل قال: إني لممن يرفع أغصان الشجرة عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال: لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل اسود بهيم وما من أهل بيت يرتبطون كلبا إلا نقص من عملهم كل يوم قيراط إلا كلب صيد أو كلب حرث أو كلب غنم.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن الحسن عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وفيه إسماعيل بن مسلم ضعيف , وحسن حديثه لتعدد طرقه , وجمع الحسن والصحة فى الأول لأنه صحيح بنفسه والثانى حسن بتعدد طرقه.
المثال الثانى: " باب من العقيقة " ([51] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn51)).
¥