تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولم تستوعب الأحاديث الصحيحة في مؤلف واحد، وإن كانت الأصول الخمسة وهى: (صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي)، لم يفتها من الصحيح إلا اليسير. كذا قال النووي.

وأول مصنف في الصحيح: موطأ الإمام مالك , وتلاه: صحيح البخاري.

وإذا قيل: أصح شيء في هذا الباب، فلا يلزم من هذه العبارة صحة الحديث , فإنهم يقولون: هذا أصح ما جاء في هذا الباب

وإن كان ضعيفا, ومرادهم: أرجحه أو أقله ضعفا.

الحديث الحسن:

قال الشيخ تقي الدين بن تيمية:

(أول من عرف أنه قسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف أبو عيسى الترمذى , ولم تعرف هذه التسمية عن أحد قبله. وقد بين أبو عيسى مراده بذلك: فذكر أن الحسن مما تعددت طرقه. ولم يكن فيهم متهم بالكذب، ولم يكن شاذا، وهو دون الصحيح الذي عرف عدالة ناقليه وضبطهم).

وأما من قبل الترمذي من العلماء، فما عرف عنهم هذا التقسيم الثلاثي، لكن كانوا يقسمونه إلى: صحيح، وضعيف. والضعيف كان عندهم نوعان:

ـ ضعيف ضعفا لا يمتنع العمل به , وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي.

ـ وضعيف ضعفا يوجب تركه .. وهو الواهي.

أقسام الحسن:-

والحسن قسمان:

1 - حسن لذاته: وهو ما اشتهر رواته بالصدق ولم يصلوا في الحفظ رتبة رجال الصحيح .. وهذا تعريف ابن الصلاح.

وقال الطيبي: (الحسن: مسند من قرب من درجة الثقة، أو مرسل ثقة، وروي كلاهما من غير وجه، وسلم من شذوذ وعلة) , وقد تقدم تعريف الترمذي.

ومن ألطف تعاريفه: (ما اتصل إسناده بنقل عدل قل ضبطه عن الصحيح غير شاذ ولا معلل).

وخلاصتها جميعا: أنه أقل من الصحيح، وفوق الضعيف.

2 - حسن لغيره: وعرفه ابن الصلاح بما كان في إسناده مستور لم تتحقق أهليته، غير مغفل، ولا كثير الخطإ في روايته، ولا متهم يتعمد الكذب فيها، ولا ينسب إلى مفسق آخر، واعتضد بمتابع أو شاهد .. فأصله ضعيف، وإنما طرأ عليه الحسن بالعاضد الذي عضده، فاحتمل لوجود العاضد، ولولاه لاستمرت صفة الضعف فيه، ولاستمر على عدم الاحتجاج به.

مراتب الحسن:

وللحسن رتب كالصحيح:

ـ فأعلاها: ما قبل لصحته .. كبهز بن حكيم عن أبيه عن جده , وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده , ومحمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن جابر. وأمثال ذلك , وهو أدنى مراتب الصحيح.

ـ ثم بعد ذلك ما اختلف في تحسينه وضعفه , كحديث الحارث بن عبد الله , وعاصم بن ضمرة , وحجاج بن أرطأة , ونحوهم. قاله الذهبي.

ـ والحسن لذاته المشهور رواته بالعدالة والصدق اشتهارا دون اشتهار رجال الصحيح، إذا روي من وجه آخر، ترقى من الحسن إلى الصحيح , وهذا هو الصحيح لغيره.

ومثاله: حديث الترمذي من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة).

فإن محمدا وإن اشتهر بالصدق، والصيانة، ووثقه بعضهم لذلك، لم يكن متقنا لسوء حفظه .. فحديثه حسن لذاته .. وبمتابعة محمد عليه في شيخ شيخه وهو أبو هريرة يرتقي إلى الصحة لغيره، فقد رواه جماعة غير أبي سلمة عن أبي هريرة .. والمتابعة قد يراد بها متابعة الشيخ , وقد يراد بها متابعة شيخ الشيخ.

والحديث رواه الشيخان من طريق الأعرج عن أبي هريرة فهو: صحيح لذاته من هذا الطريق , صحيح لغيره من طريق محمد بن عمرو.

الاحتجاج بالحسن:

وجمهور المحدثين، وعامة الفقهاء على أن الحسن كالصحيح في الاحتجاج به، وإن كان دونه في القوة , ولهذا أدرجه طائفة في أنواع الصحيح، كالحاكم وابن حبان وابن خزيمة.

وقال السخاوي: (منهم من يدرج الحسن في الصحيح لاشتراكهما في الاحتجاج، بل نقل ابن تيمية إجماعهم عليه إلا الترمذي خاصة).

وقال الخطابي: (على الحسن مدار أكثر الحديث، لأن غالب الأحاديث لا تبلغ رتبة الصحيح، وعمل به عامة الفقهاء، وقبله اكثر العلماء .. ) قال: (وشدد بعض أهل الحديث، فرد بكل علة قادحة كانت أم لا).

كما روى عن أبي حاتم أنه قال: (سألت أبى عن حديث، فقال: إسناده حسن, فقلت:يحتج به؟ فقال: لا).

ـ وزيادة راوي الصحيح والحسن مقبولة, إذ هي في حكم الحديث المستقل، وهذا إن لم تناف رواية من لم ترد، فإن نافتها، ولزم من قبولها رد الأخرى، احتيج للترجيح , فإن كان لأحدهما مرجح فالأخرى شاذة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير