تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[03 - 05 - 07, 01:01 ص]ـ

وفقك الله وسدد خطاك

هذا ليس تعقبا من الحافظ، ولكنه إضافة واستدراك؛ فليس المراد به تخطئة الماوردي.

وأنت تحتاج لاستقراء طريقة الحافظ رحمه الله وهل كان يقصد بالظاهرية في غالب الأحيان ما يعم ابن حزم؟!

وقد وجدنا الحافظ ابن حجر نقل عن الظاهرية كثيرا مع مخالفة ابن حزم لهم.

= مثل مسألة وجوب الاشتراط في الحج

= ومثل مسألة المنع من صلاة الفرض داخل الكعبة

= ومثل المسألة الأولى التي تفضلتَ بنقلها

ونجد الحافظ كثيرا ينص على ابن حزم إن أراد أن ينسب إليه قولا، فيقول مثلا (وبه قال ابن حزم من الظاهرية)، أو (وكأن المقصود ابن حزم من الظاهرية)، ونحو ذلك.

والمقصود أن تعقبك للحافظ ابن حجر لا يلزمه؛ لأنه لم يُعهد من اصطلاحه ذلك.

وحتى لو افترضنا أن الأصل دخول ابن حزم في الظاهرية، فهذا لا يمنع من إطلاق القول (ذهب الظاهرية) مع مخالفة بعضهم، كما نقول: (ذهب الشافعية أو الحنفية ... إلخ) مع وجود بعض المخالفين من أتباع المذهب.

والله أعلم.

ـ الحمدلله فإني قد ذكرت أن المسألة تبقى محل بحث فأقول بحمد الله: هذه عملية استقراء جزئي لكلام الحافظ وبعض أهل العلم الهدف منها الإجابة عن إشكال مفاده: هل إذا أطلق الحافظ لفظ الظاهرية يريد الأغلب أم هذا الإطلاق على بابه؛ إذ أنّ لفظ الظاهرية حقيقة في الكلّ مجاز في البعض على القول بالمجاز، وهل التسامح في الإطلاق وإن وجد مخالف من مسالك العلماء، وهل هذا ينافي التحقيق العلمي الدقيق

ـ قال الحافظ في الفتح1/ 366 متعقبا ابن المنيّر حينما أطلق حكاية مذهب عن الشافعية: على أنّ في المسألة خلافا عندهم اهـ فلو لم يعب الحافظ إطلاق ابن المنير فلما تعقبه فالعالم لا يتعب بلا مستند يراه

ـ ومن دقة الحافظ العلمية قوله في موضع من فتحه2/ 263: وقال جمهور الشافعية: لو حلقت أجزأها ويكره وقال القاضيان ابو الطيب وحسين لا يجوزاهـ وهذا دليل على أنّهم يرون فرقا شاسعا بين الإطلاق والتقييد في باب عزو المذاهب

وقال في نسبة مذهب ح [2110]: وبه قال المالكية إلاّ ابن حبيب والحنفية كلّهم اهـ وقال في موضع ح [136]: وقال ابن بطّال وطائفة من المالكيّة اهـ وقال بعدها بأسطر: وقد صرّح باستحبابه جماعة من السّلف وأكثر الشافعية والحنفيّة اهـ وفي موضع آخر12/ 91 تجده يحكي قولا عن أبي ثور وأكثر أهل الظاهر ثمّ يقول بعدها: وخالفهم ابن حزم فوافق الجمهوراهـ ألا تراه اعتبر مخالفة ابن حزم واستثناه فعبّر بالأكثر جريا على المنهج العلميّ الدقيق في العزو

وأصرح من ذلك قوله في موضع من فتحه ح [444] في بيان حكم تحية المسجد: واتفق أئمة الفتوى على أنّ الأمر في ذلك للندب ونقل ابن بطّال عن أهل الظاهر الوجوب قال الحافظ: والذي صرح به ابن حزم خلافه اهـ وهذا النقل ظاهر في المطلوب للمتأمّل

ـ والجزئيات في تقرير ذلك كثيرة متواترة تدل بمجموعها على قدر مشترك وهو: أنّ الجادة المسلوكة عند الحافظ وغيره من العلماء المحققين التدقيق في العزو وعدم إرسال الكلام على عواهنه وعلاّته وقولي: وغيره من العلماء المحققين إشارة إلى بعض من تتبعت جملة من نقولاتهم ومنهم صاحب عمدة القاري في مواضع ومن نقولاته قوله: وبه قال سائر الظاهرية ومنها وبه قال جميع الظاهرية، وفي موضع طائفة من الظاهرية، جماعة من الظاهرية، حزم

ومن أصرح ما رأيت من كلامه ما قاله في مسألة:هل يجب الوضوء على الجنب إذا أراد النوم حيث قال ما نصّه: قلت: قد خالف ابن حزم داود في هذا الحكم

ـ ونراهم ينبهون على اختلاف الظاهرية فيما بينهم إذا لاح لهم ذلك قال الشوكاني في نيله: واختلفت الظاهرية فمنهم من أوجب الاستيعاب ومنهم من قال يكفي البعض اهـ

وفي الإحكام لابن دقيق: وخالف في ذلك داود وبعض أصحابه الظاهرية وخالف بعض الظاهرية ووافق الجماعةاهـ ومن دقة ابن دقيق قوله: والظاهرية خالفت فيه أو بعضهم اهـ

وانظر مثلا صاحب سبل السلام كيف يعتبر مخالفة ابن حزم ويقول: وإلى قتله ذهبت الظاهرية واستمرّ عليه ابن حزم اهـ وفي موضع: فأفرط جماعة من الظاهرية منهم ابن حزم ومن تبعه اهـ

ومن المحققين الذين سلكوا هذه الطريق الشيخ الألباني رحمه الله قال في الثمر المستطاب في موضع منه: وبه قال ابن حزم وجمهور الظاهريةاهـ

وفي موضع آخر منه قال: وذهب إلى هذا الظاهرية [يقصد وجوب تحية المسجد وحرمة الجلوس قبل صلاتها] قال: حاشا ابن حزم منهم فإنّه صرح في المحلى بأنّه سنة وهو قول الجمهوراهـ

وقال أيضا في موضع آخر منه: قال [يقصد الشوكاني] وحكى ابن بزيزة عن بعض أهل العلم وجوبه على المأموم عملا بظاهر الأمر وأوجبته الظاهرية على كل مصل اهـ قلت [القائل الألباني]:ابن حزم من أئمّتهم كما هو مشهور ولم يوجبه مطلقا بالقيد المذكور قال في المحلّى اهـ

قلت: رغم موافقة ابن حزم للظاهرية في أصل الحكم وهو الوجوب ولأنه خالفهم في قيد فإنّ الشيخ تعقب إطلاق العزو إلى الظاهرية ففي حالة مخالفة ابن حزم الظاهرية في مطلق الحكم فالتعقب أولى وأحرى أن يكون

تنبيه: ما نقله الشوكاني عن ابن بزيزة سبقه إليه الحافظ في الفتح تحت ح [780]

ـ وننبّه هنا عى أمر قد ينقدح في نفوس البعض وهو أنّ الهدف من هذه المناقشات والبحوث في هذه المسألة وغيرها من المسائل هو كشف مناهج العلماء العلمية لا مجرّد التعقب والتخطئة فليتنبه لهذا.

ـ فجملة القول أنّ التحقيق العلمي الدقيق يقتضي عدم الإطلاق في حالة وجود خلاف في المذهب وهذه هي الجادّة التي سار عليها المحققون فلذا تجدهم يدققون في العبارة ومن دقتهم ما تراه في تعبيرهم بالأكثر والطائفة والبعض والجمهور والجماعة وحسبك بمن ثبت عنه سلوك هذه الطريقة صراحة وهو الشيخ الألباني رحمه الله وهو من أئمّة التحقيق في عصرنا والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير