قال ابن كثير:"أي وليملل المدين على الكاتب ما في ذمته من الدين وليتق الله في ذلك (ولا يبخس منه شيئا) أي ويكتم منه شيئا "
5.إذا عجز الشخص المدين عن الإقرار وترديد ما كتبه كاتب العدل بسبب الجهل أو الضعف أو البكم وغير ذلك وجب على وليه بالعدل أن يقر نيابة عنه. قال تعالى: ((فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ)).
6.كل هذه العملية تحاط بسور أخر وهو استشهاد رجلين على هذا العقد وهذان الشاهدان يجب أن يكونا مرضيين عند الطرفين جميعا.
7.إذا لم يتيسر رجلان للشهادة فيجب أن يكون الشهود رجلا وأمرأتين قال تعالى: ((وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ)). لأن المرأة أكثر عرضة للنسيان من الرجل أو لأنها أكثر عرضة لأن تصرف عن الحق فتنساه أكثر من الرجل.
8.يجب على الشهداء إجابة الطرفين إذا ما دعوا إلى الشهادة وإقامة الحق قال تعالى: ((وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا)).
9.يحذرنا الله تعالى من السأمة عن كتابة هذه العقود مهما كان حجم المال المستدان لأن في هذا العقد حفظا للحقوق قال تعالى: ((وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِه)).
10.أوضح الله تعالى أن هذا التوقي وهذه الحيطة فيها ثلاث ثمار كلها طيبة.
الأولى: إنها أقسط عند الله.
الثانية: إنها أقوم للشهادة بين الناس.
الثالثة: إنها تبعد المتعاملين بالدين عن الريبة وبالتالي تدوم المعاملات بينهم إذا ما انتفت الريبة وسدت منافذها.
فإن كان الله جل تعالى يحثنا الى هذا الحد من أجل دريهمات يأخذها المسلم من المسلم إلى أجل مسمى فإلى أي حد يا ترى يكون التثبت ملزما إذا كان الأمر متعلقا بديننا وعقيدتنا وسنة نبينا محمد ?؟.
ومن الأمور المهمة في حياة المسلم والتي أحتاط لها القرآن الكريم حيطة تامة: الزنا، والقذف بالزنا. فقد شرع الله سبحانه وتعالى عقوبة صارمة لمن يقع في هذه الجريمة ولكن قبل أن توقع العقوبة على من جناها شرع القرآن منهجا للتثبت في هذا الأمر العظيم:-
فأوضح الله تعالى أن الزنا لا يثبت إلا بأربعة شهداء يشهدون على ذلك لكي يستحق الزاني أو الزانية تلك العقوبة الصارمة.
قال تعالى: ((وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً)).
وهذه الاية وان اشتملت على حكم منسوخ وهو الحبس في البيوت الا ان ما يثبت به الحكم غير منسوخ وهو ان يشهد على ذلك اربعة رجال من المسلمين وهو ما يهمنافيما نحن بصدده، قال الرازي:" ذلك ان المرأة اذا نسبت الى الزنا فلا سبيل لاحد عليها الا بأن يشهد عليها اربعة رجال مسلمون على انها ارتكبت الزنا "
ولكي لا يفتح الباب على مصراعيه فيتهم الناس بلا بينة أوضح الله تبارك وتعالى أن من شهد على أحد من الناس بالزنا فهو قاذف مستحق لعقوبة القذف إلا أن يشهد معه ثلاثة آخرون بنفس ما شهد به. لكي يعلم خطورة هذه المسألة ولكي يتعلم المسلمون كيف يتثبتون قبل أن يصدروا أحكامهم. قال تبارك وتعالى: ((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً * الاالذين تابوا من بعد ذلك واصلحوا فان الله غفور رحيم)). قال ابن كثير: "فاوجب على القاذف اذا لم يقم البينة على صحة ما قال ثلاثة احكام: (الاول) ان يجلد ثمانين جلدة. (الثاني) ان ترد شهادته ابدا. (الثالث) ان يكون فاسقا ليس بعدل لا عند الله ولا عند الناس " … واختلف العلماء بعد ذلك في الاستثناء في قوله تعالى: (الا الذين تابوا) هل هو رافع للفسق فقط فلا تقبل شهادتهم ام انه رافع للفسق وعدم قبول الشهادة
¥