وأحيانا -وهو الكثير- تكون هذه الكلمة -أو كلمة العدالة-مجموعة مع كلمة الضبط في كلمة واحدة وهي كلمة: " ثقة " فإذا قالوا في راو: " ثقة " فمعناه: أنهم ضمنوا لك حفظه وعدالته، ضمنوا حفظه وعدالته، فإذا وجدت في الترجمة " فلان ثقة "؛ فاعلم أنه عدل وأنه ضابط.
فهذه الأشياء الأربعة تدلك -أو مما يدلك- على عدالة الراوي، فهذا هو الشرط الأول من شروط صحة الحديث، وهو عدالة الراوي.
والشرط الثاني وهو الذي أشار إليه بقوله: " متقن وهو ما دار على عدل " متقن: هذه اسم فاعل من الإتقان، والإتقان: معناه معرفة الشيء على وجهه كما قال الله -تعالى-: http://www.taimiah.org/MEDIA/B2.gif صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=27&nAya=88)http://www.taimiah.org/MEDIA/B1.gif يعرف على وجهه ويقام على وجهه الصحيح، إذا أتقن الشيء معناه: أنه أقامه على وجهه الصحيح، أو فعله على وجهه الأمثل.
وهنا المتقن: المراد به هنا الضابط؛ لأن الذي يروي الحديث يأتي به على وجهه الصحيح أو وجهه الأمثل، يأتي به على وجهه الصحيح أو على وجهه الأمثل.
فإذا قيل: " متقن " فمعناه هو الضابط، وهو الذي يعبر عنه عند بعض أهل العلم بـ " تام الضبط " فمن هو الضابط؟ ومن هو المتقن؟ قلنا: هما بمعنى واحد، طيب ما حد الضابط؟ كيف نعرف أن فلانا ضابط للحديث؟
ضابط الحديث، أو متقن الحديث: ذكر العلماء -رحمهم الله- هو الراوي الذي تكون السلامة أو تكون أحاديثه أو غالب أحاديثه سالمة صحيحة، ليس فيها مخالفة لغيره ممن هو أوثق منه.
لكن قد يقع الخطأ والوهم والغلط في روايته، لكن على وجه القلة والندرة، ليس على وجه الكثرة.
فمن كان الغالب على حديثه الصحة والسلامة فهو الضابط والمتقن؛ وإن وقع في روايته بعض الغلط وبعض السهو، لكن يكون ذلك قليلا ونادرا؛ لأنه إذا كثر ضعف به الراوي.
ولهذا؛ الإمام مسلم -رحمه الله- ذكر في كتابه: " التمييز" أنه ليس من شرط ناقل الخبر أن يكون سالما من الخطأ والسهو، وكأن الإمام مسلم -رحمه الله- أشار في العبارة إلى أنه: لم يسلم أحد من الخطأ لا من الماضين -أو السلف الماضين- إلى زمانه.
بل مع تحريهم وشدة توقيهم وإتقانهم وحفظهم لما يروون؛ إلا أن السهو والغلط ممكن عليهم، وهم أئمة حفاظ.
هذا هو الذي ذكره أيضا الإمام الترمذي: بأنه لم يسلم من الخطأ كبير أحد من أئمة الحيث مع حفظهم.
والتطبيق العملي لأئمة الحديث من القديم يشهد بأنه لم يسلم أحد من الأئمة الحفاظ من الغلط، فكل الحفاظ أو أكثرهم قد أخطأ ولو في حديث واحد.
الشاهد أنه لم يسلم أحد من الخطأ، وهذا الخطأ القليل أو النادر لا يعني تضعيف حديثه وروايته؛ ما دام أن الغالب على حديثه هو السلامة.
وقد وقع الوهم والخطأ حتى لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعائشة -رضي الله عنها- استدركت على الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم-، أو على بعض الصحابة ما وهموا وأخطأوا فيه، وفيه صنف الزركشي كتابه: " الإصابة فيما استدركته عائشة على الصحابة ".
وسعيد بن المسيب -رحمه الله- وهَّم ابن عباس -رضي الله عنهما- في حديثه في قصة تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ميمونة وهو محرم، وابن عباس معروف مكانه من الحفظ والإتقان والجلالة؛ ومع ذلك وهَّمه سعيد بن المسيب في هذا الحديث.
لأن- كما سبق- العصمة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنبياء الله ورسله، لأنهم هم الذين يسددهم الوحي، وأما غيرهم فقد يقع منه الخطأ وينبه على ذلك الخطأ وليس منقصة في حقه.
والإمام البخاري وأبو حاتم خطأا معمرا في: "حديث الفأرة " وخطأ الإمام مسلم الإمام الزهري -رحمه الله تعالى- وهو من أوسع حفاظ الإسلام وأكثرهم رواية، خطأه في حديث: " ذي اليدين ".
وخطأ الإمام مسلم شعبة -وهو أمير المؤمنين في الحديث- خطأه -رضي الله تعالى عنه- في حديث، وخطأ الدارقطني والإمام مسلم خطأا الإمام مالكا -رحمه الله- وهو من أحفظ حفاظ الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك خطئوه في بعض الأحاديث.
¥