وأخيراً: على تعليقي الأخير بخصوص الشناعات التي نَسَبَها للشيخ حاتم الشريف وهو منها براء؟
أم هو الوَلَعُ بتعقُّب الشيخ حاتم الشريف! والحرصُ على اصطياد كلِّ ما يظنه الحاج عيسى خطأً؟!!
لا أزال أكرر متعجباً: ما الداعي لهذا التعليق هنا؟؟
أرجو مِن كل محبٍ و راضٍ عن (نقض) الحاج عيسى ألا يتجاوز هذا السؤال دون إفادتنا بالجواب عنه.
وقبل أن يعجل أحدٌ بالجواب أحب أن أُنَبِّه إلى أن الحاج عيسى في تعليقه هذا أكَّد صِدْقَ تعليقي الأخير: الذي أثبتُّ فيه أن ما نَسَبَه للشيخ حاتم في مسألة التشدد والتساهل محض (افتراءٍ) عليه!
فهو ينسب للشيخ حاتم الشريف في نقضه السابق قولاً، ثم يأتي الآن لينسب إليه نقيضَ ذلك القول!
فلا بُدَّ أن يكون أحد التعليقَين مفترى على الشيخ حاتم، أو يلزمنا أن نقول باجتماع النقيضين!!
فالحاج عيسى يُلخِّص لنا رأي الشيخ حاتم الشريف حول التشدد والتساهل الذي فهمه منه في ذلك المجلس في ثلاثة نقاط:
1 - التفسير الصحيح والتوجيه المستقيم الذي يراه الشيخ حاتم الشريف لهذا التقسيم، وهو أنه راجع إلى اختلاف الألفاظ (أو ما عبَّر عنه الذهبي بالتفاوتِ في طِباع النفوس) لا إلى اختلاف المناهج بين أئمة الجرح والتعديل.
2 - رفْضُ الشيخ حاتم الشريف لطريقة التعامل الخاطئة مع هذا التقسيم والتي كان من نتائجها إهدار أقوال المتساهل مطلقاً.
3 - اعتبار الوصف بالتشدد والتساهل قرينة للترجيح عند التعارض بين أقوال الجارحين والمعدلين.
هذه خلاصة ما نقله عن الشيخ حاتم الشريف في مسألة التشدد والتساهل وهو صريح في الإقرار بأصل التقسيم، ومناقضٌ تمام المناقضة لتقرير الحاج عيسى السابق الذي لم يتراجع عنه.
وأحب التنبيه أيضاً إلى (أني كنتُ أحد الحاضرين لذلك المجلس) ولم أسمع من الشيخ حاتم في هذه المسألة إلا ما قرَّره في كتبه، و قاله في أشرطته: من الإقرار بوجود هذا التقسيم الفطري، ولكن مع حُسنِ التعامل معه.
فأين هذا التقرير من قول الحاج عيسى عن الشيخ حاتم:
(كأن الشيخ عنده عقدة دعوى الاتفاق عند الأئمة المتقدمين، ومن آثار ذلك أنه ينكر تقسيم النقاد إلى متشدد ومتساهل ومعتدل، ويقول الأئمة كلهم على منهج واحد!! في الكليات والجزئيات!!)؟؟!!
فأين هذا الإنكار في حديث الشيخ حاتم في ذلك المجلس؟
وقبل أن يتبرَّع متبرعٌ فيتكلّف الجمعَ بين كلام الحاج عيسى ليثبت لنا أن الشيخ حاتم ينكر التقسيم! أو يثبت لنا العكس وهو أن الحاج عيسى لم يقصد نسبةَ إنكار التقسيم للشيخ حاتم وإنما قصد معنى آخر (الله أعلم به!) = قبل ذلك أقول:
نصوص الحاج عيسى ليستْ نصوصاً شرعية نتكلَّف نحن الجمع بينها والتوفيق بين متشابهها! بل هو المطالب أن يوضح مذهبه ومراده، لا أن يكتفي بإعلامنا بأنه حضر مجلساً للشيخ حاتم و سمع منه كلاماً ظاهره (في أقل الأحوال) مناقض لما نسبه للشيخ في نقضه، ثم لا يعلِّق على ما لأجله حَدَّثَنا عن قصة ذلك المجلس: وذلك أني من حين قرأتُ دعواه بأن الشيخ حاتم الشريف ينكر تقسيم النُقَّاد إلى متشدد ومتساهل حَضَرني ذلك المجلس اليتيم الذي حضره الحاج عيسى وكنتُ حاضره أيضاً، وكان غالب الحديث فيه عن هذه المسألة على وفق التقرير الذي اعتدناه من الشيخ حفظه الله فيها في كتبه ومجالسه، فعلمتُ أن الحاج عيسى لم يكن (منصفاً) فيما نسَبَه للشيخ حاتم إنْ لم يكن في يديه دليل سوى ذلك المجلس، فعلَّقتُ تعليقي الأخير أُكَذِّب فيه مَنْ ينسب للشيخ حاتم إنكار التقسيم، لأستحثَّ الحاج عيسى على إظهار دليله، وكنتُ موقناً أنه سيُحِيلنا على ذلك المجلس وما دار فيه بخصوص تلك المسألة، وفعلاً كان يقيني في محله = هذا ما أزعمه سبباً لذكر الحاج عيسى لهذا الحوار العلمي الذي دار في مجلس الشيخ حاتم الشريف.
وعليه كان الأَوْلى بالحاج عيسى أن يشغلنا بكيفية استنباطه من هذا الحوار أن الشيخ حاتم ينكر التقسيم من أساسه! بدلَ أن يشغلنا بشغفه بتعقُّب الشيخ حاتم، وبحياده عن الدفاع عن نزاهة نقضه، مما يُثَبِّت عند طالب العلم (المنصِف) أن مَنْ نَسَبَ للشيخ حاتم إنكار التقسيم ولو في ذلك المجلس فقد كذب عليه.
¥