[أضواء على المحدثين الجزائريين الذين خدموا صحيح الإمام البخاري]
ـ[حسن شريف]ــــــــ[21 - 07 - 07, 11:00 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد:
اهتم محدثو الجزائر بكتب السنة وأولوها عناية خاصة، فقد رحل عدد كبير منهم إلى المشرق, ولقوا العلماء والمحدثين فأفادوا واستفادوا، وأخذوا أمهات كتب الحديث وعلومه, وراحوا ينشرونها في بلادهم, وعكفوا على دراستها دراسة معمقة شرحا لمعانيها وبيانا لأحكامها وتوضيحا لغريبها وتعريفا برجالها. ولم تكن عناية علماء الجزائر بالصحيحين أقل من عنايتهم بالموطأ للإمام مالك بن أنس، فقد انبرت نخبة منهم ومنذ القرن الرابع للهرة لخدمة الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة 256هـ. واستمرت هذه الجهود إلى عصرنا الحاضر. وسأعرض في هذا البحث:
- الطرق التي وصل بها صحيح البخاري إلى الجزائر.
- التعريف بالمحدثين الجزائريين الذين خدموا صحيح البخاري مع الإشارة إلى مؤلفاتهم, مرتبا ذلك حسب أقدمية الوفاة.
- بعض المؤلفات الجزائرية في علوم الحديث.
أ. الطرق التي وصل بها صحيح البخاري إلى الجزائر: روي عن أبي إسحاق المستملي أنه قال عن أبي عبد الله الفربري أنه كان يقول: روى الجامع الصحيح عن أبي عبد الله (البخاري) تسعون ألف رجل, ما بقي منهم غيري. وقد اشتهر صحيح البخاري بروايات أربعة رئيسية هي:
- رواية الفربري محمد بن يوسف بن مطر المتوفى سنة 320 هـ.
- رواية النسفي إبراهيم بن معقل بن الحجاج المتوفى سنة 294هـ.
- رواية حماد بن شاكر النسوي المتوفى في حدود التسعين ومائتين.
- رواية البزدوي منصور بن محمد بن علي المتوفى سنة 329 هـ.
غير أن الرواية الأكثر انتشاراً في الجزائر والمغرب الإسلامي هي رواية الفربري. وقد وصلت هذه الأخيرة إلى الجزائر من طرق أهمها:
- طريق أبي بكر يحي بن عبد الله بن محمد بن يحي القرشي الجمحي الوهرانيي الذي يروي الصحيح عن الفقيه أبي محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي عن المروزي عن الفربري عن الإمام البخاري.
- طريق مروان بن علي البوني (المتوفى سنة 439 هـ) عن القابسي (علي بن محمد بن خلف المتوفى سنة 403 هـ) عن المروزي عن الفربري عن الإمام البخاري.
- طريق أبي جعفر أحمد بن نصر الداودي المتوفى سنة 402 هـ (أول من شرح صحيح البخاري). ثم أخذ عن هؤلاء جلة العلماء, وانتشر بين طلبة العلم. وفي أواسط القرن الرابع بدأت جهود المحدثين الجزائريين في الظهور في سلسلة متواصلة إلى أيام الناس هذه.
ب. التعريف بطائفة من المحدثين الجزائريين الذين خدموا صحيح البخاري، مع التنبيه على مؤلفاتهم في ذلك, وذكر المطبوع منها والمخطوط وما هو في عداد المفقود:
1) شيخ الإسلام أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي التلمسانيي, أصله من مدينة المسيلة وقيل من بسكرة, سكن طرابلس الغرب وبها أملى كتابه "النامي" شرحاً للموطأ, توجد منه نسخة في مكتبة القرويين بفاس تحت رقم: 527. نزل تلمسان فأقام بها إلى وفاته. وبها ألف كتابه الجليل الذي حاز به الفضل على غيره من جميع من تقدمه أو تأخر عنه من علماء الإسلام , ذلك هو كتابه "النصيح" الذي شرح به صحيح البخاري، فكان هذا أول شرح وضع على هذا الكتاب الجامع. وللمترجم تفسير للقرآن المجيد تداوله العلماء فنقلوا عنه. قال ابن فرحون: كان فقيها فاضلا متقنا مؤلفا مجيدا له حظ من اللسان والحديث والنظر. ألّف كتابه "النامي" في شرح الموطأ, والواعي في الفقه و"النصيح" في شرح البخاري والإيضاح في الرد على القدرية, وغير ذلك. وكان درسه وحده, لم يتفقه في أكثر علمه على إمام مشهور وإنما وصل بإدراكه. حمل عنه أبو عبد الملك البوني وأبو بكر بن محمد ابن أبي زيد. توفي بتلمسان سنة 402 هـ. وقبره عند باب العقبة. قال ابن حجر في معجمه: كتاب شرح الموطأ وكتاب شرح البخاري كلاهما تأليف أبي جعفر أحمد بن نصر الداودي المالكي التلمساني أنبأنا بهما أبو علي الفاضلي عن أحمد بن أبي طالب عن جعفر بن علي عن محمد بن عبد الرحمن الحضرمي عن عبد الرحمن بن محمد بن عتاب عن يوسف بن عبد الله النمري (ابن عبد البر) عنه إجازة ومات سنة اثنتين وأربعمائة.
¥