تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نتيجة الاختلاف بين الدول الثلاثة اليمن والحجاز

والشام وبين الكوفة والعراق وثمرته

ثبت مما تقدم أن اليمن والحجاز والشام مركز الإسلام ومنبع الإيمان والهداية وأن العراق مبدأ الكفر والطغيان ومنبت البدع والضلال ومصدر الفتن والفساد، ولذلك الاختلاف الفطري ترى أهل الشام واليمن والحجاز أهل إيمان يحبون العمل بالكتاب والسنة ويعدون طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من أكبر أسباب النجاح والفوز ولا يجوزون خلاف الله ولا خلاف رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يلتفتون إلى قول أحد حيث وجدوا الدليل من الكتاب والسنة وترى أهل العراق أهل بدعة وضلالة بعيدة عن الحق ولا يكادون يفقهون حديثا ومن كان أقرب منهم إلى أهل السنة فإنه أيضا قد بنى مذهبه على رأي وقياس (وهم ضعفة أهل الرأي والقياس كما قال القاضي عياض) ([84] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn84)). دون أن يجعل الكتاب والسنة نصب عينه يطمئن بهما قلبه وينطلق بهما لسانه إن أردت أن يتبين لك هذه الحقيقة فعليك بقراءة أقوال الطبقة العليا من مؤرخي أهل الإسلام ومحققيهم. قال العلامة ابن خلدون في المقدمة: انقسم الفقه فيهم إلى طريقتين: طريقة أهل الرأي والقياس وهم أهل العراق وطريقة أهل الحديث وهم أهل الحجاز. وكان الحديث قليلا في العراق ([85] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn85)). وقال العلامة أبو الفتح الشهرستاني في أصحاب الرأي: وهم أهل العراق هم أصحاب أبي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله تعالى ثم قال بعد ذكر أسماء تلامذته وإنما سموا أصحاب الرأي لأن عنايتهم بتحصيل وجه من القياس والمعنى المستنبط من الأحكام وبناء الحوادث عليها وربما يقدمون القياس الجلي على آحاد الأخبار (الملل والنحل) ([86] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn86)).

وقال في شأن الحديث: ثم المجتهدون من أئمة الأمة محصورون في صنفين لا يعدوان إلى ثالث. أصحاب الحديث وأصحاب الرأي فأصحاب الحديث هم أهل الحجاز مالك بن أنس ومحمد بن إدريس الشافعي وأصحاب سفيان الثوري وأصحاب أحمد بن حنبل داوود بن علي بن محمد الأصفهاني وإنما سموا أصحاب الحديث لأن عنايتهم بتحصيل الحديث ونقل الأخبار وبناء الأحكام على النصوص ولا يرجعون إلى القياس الجلي والخفي إذا وجدوا خبرا وأثر وقد قال الشافعي إذا وجدتم في مذهبنا خبرا على خلاف مذهبي فاعلموا أن مذهبي ذلك الخبر (الملل) ([87] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn87)).

الشاة ولي الله يذكر الاختلاف بين

أهل الحديث وبين أهل الرأي

وقد عقد حكيم الأمة وترجمان الإسلام الشاة ولي الله الدهلوي بابا خاصا في الإنصاف وحجة الله البالغة في بيان أسباب الاختلاف بين أصحاب الحديث وبين أصحاب الرأي فقال فيه مبينا مسلك أهل الحديث واعلم أنه كان من العلماء في عصر سعيد بن المسيب وإبراهيم والزهري وفي عصر مالك وسفيان وبعد ذلك قوم يكرهون الخوض بالرأي ويهابون الفتيا والاستنباط إلا لضرورة لا يجدون منها بدا وكان أكبر همهم رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفصل فيه تفصيلا حسنا وقال: إن أئمة أهل الحديث كانوا يخافون خوفا شديدا عن الإفتاء بمجرد الرأي والقياس، وذكر لهذا أمثلة: منها ما قال ابن عمر لجابر بن زيد أنك من فقهاء البصرة فلا تفت إلا بقرآن ناطق أو سنة ماضية فإنك إن فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت. ومنها ما قال أبو نضر لما قدم أبو سلمة البصرة ... فقال للحسن فلا تفت برأيك إلا أن تكون سنة عن رسوله صلى الله عليه وسلم أو كتاب منزل. ومنها ما قال الشعبي ما حدثوك هؤلاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدث به وما قالوا برأيهم فألقه في الحش (أخرج هذه الآثار إلى آخرها الدارمي) ([88] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn88)). ومنها ما قال الشافعي لأحمد انتم أعلم بالأخبار الصحيحة منا فإذا كان خبر صحيح فاعلموني حتى اذهب إليه كوفيا أو بصريا أو شاميا حكاه ابن الهمام ([89] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn89)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير