تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت (الكناني): هذا الاستنتاج فيه نظر من وجوه كثيرة. وهي كالآتي:

أولا: ابن حزم لم يقصد أن الحديث منقطع بين البخاري و صدقة بن خالد، و إنما أراد أن يقول: منقطع بين البخاري و هشام بن عمار، و لكن سبق قلمه فقال صدقة بن خالد. و الدليل على هذا، ما جاء في رسالة ابن حزم نفسه المعنونة ب ((رسالة في الغناء الملهي أمباح هو أم محظور) حيث قال: ((و لم يورده البخاري مسندا، وإنما قال فيه: قال هشام بن عمار)) ص97 (راجع كتاب تحريم آلات الطرب للشيخ الألباني رحمه الله ص82). و هذا نص صريح في مراده، و على هذا فالنظر العميق الذي ظننته، ليس هو مراده، وإنما كانت زلة قلم منه رحمه الله تعالى.

ثانيا: لو كانت العلة عند ابن حزم هي تفرد هشام بن عمار، لما تردد في ذكر ذلك، و لرأيته يتكلم فيه تضعيفا و تجريحا، و مع ذلك لم ينطق بحرف واحد في ((المحلى)) و ((رسالته)) بالطعن فيه، لا إشارة و لا تصريحا. و هذا لوحده يكفي دليلا في أن مراده هو الانقطاع بين البخاري و هشام، كيف و قد انضم إلى هذا أدلة أخرى. هذا مع أن ابن حزم لا يرى سلامة الحديث من الشذوذ شرط من شروط الحديث الصحيح، كما ذكر ذلك ابن القيم. فمن باب أولى، أن لا يرى التفرد علة من علل الحديث القادحة.

ثالثا: أن غالب من رد على ابن حزم -إن لم يكن كلهم-، وهم كثير، فهموا مراد ابن حزم على الانقطاع بين البخاري و هشام بن عمار، بل قد صرح بعضهم أن هذا سبق قلم منه. و الذي يظهر لي، أنك فهمت كلام الحافظ العراقي على غير مراده، و لكن تأمل قوله في آخر كلامه: ((وَهُوَ قريب، إلاَّ ان المصنف لا يجوز تغيير الألفاظ فِي التصانيف وان اتفق المعنى)). انتهى. و الحافظ العراقي لم يقل أن ابن الصلاح فهم مراد ابن حزم على غير ما أراد، و إنما أنكر عليه تغيير ألفاظه، فتأمل هذا. و قد صحح الحافظ العراقي هذا الحديث في ((المغني عن حمل الأسفار))، و رد على شبهة الانقطاع بين البخاري و هشام لكون الحديث جاء في صورة التعليق، وهذا يعني أنه فهم مراد ابن حزم على ذلك.

رابعا: هشام بن عمار لم ينفرد بهذا الحديث، بل قد تابعه على ذلك بشر بن بكر. و كذلك لم ينفرد به عطية بن قيس عن عبد الرحمن بن غنم، بل قد تابعه على ذلك مالك بن أبي مريم. و هناك أيضا متابعة أخرى لهما جميعا، وهي متابعة إبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية عمن أخبره عن أبي مالك الأشعري أو أبي عامر. و الذي يظهر أن المبهم في هذا الإسناد هو عبد الرحمن بن غنم، لأن إبراهيم من طبقة عطية و مالك، و قد جاءت الرواية على الشك في اسم الصحابي. راجع كتاب ((تحريم آلات الطرب)) للشيخ الألباني رحمه الله، فقد ذكر هذه الطرق كلها. و المقصود أن دعوى تفرد هشام بن عمار بهذا الحديث، قول لا خطام له و لا زمام، و لا أعلم أحدا من الحفاظ ادعى ذلك.

و من تأمل في هذه الوجوه كلها، علم أن كل واحد منها يكفي في رد فهم الأخ الفاضل ماهر فحل، فكيف بمجموعها، ولله الحمد من قبل و من بعد. و على هذا، يكون قول الأخ المذكور في آخر كلامه: ((والذي يبدو لِي أَنَّهُ فاتهم جميعاً أن يدركوا مُرَاد ابْنَ حزم فِي هَذَا))، خطأ منه، جانب فيه الحق و الصواب. والله أعلم، وهو الموفق و الهادي إلى سواء السبيل.

و الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على سيد المرسلين.

أخوكم: أبو محمد الكناني.

ـ[ماهر]ــــــــ[25 - 09 - 02, 06:32 م]ـ

الأخ العزيز، أبو محمد الكناني بارك الله فيك على هذا المقال، ونشكرك على حرصك على السنة النبوية، وأسأل الله أن يحشرنا جميعاً مع المتحابين فيه، وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

ـ[أبو خزيمة]ــــــــ[25 - 09 - 02, 07:05 م]ـ

لرفع رد محمد الأمين

ـ[أبو إسحاق التطواني]ــــــــ[25 - 09 - 02, 08:36 م]ـ

في رد محمد الأمين مغالطات شتى سأبيتها غدا بإذن الله بتفصيل، ومن أوضحها اتهام عطية بن قيس الكلابي بأنه اضطرب في الحديث لأنه شك في اسم الصحابي!!!!! وللحديث صلة ..

ـ[أبو محمد الكناني]ــــــــ[26 - 09 - 02, 06:33 ص]ـ

الأخ الفاضل: ماهر حفظك الله و بارك فيك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير