تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حديث آخر: قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أحمد بن عمر الوكيعي، حدثنا مؤمل، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: لما نزلت: (الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون) قال المشركون لأبي بكر: ألا ترى إلى ما يقول صاحبك؟ يزعم أن الروم تغلب فارس. قال: صدق صاحبي. قالوا: هل لك أن نخاطرك؟ فجعل بينه وبينهم أجلا فحل الأجل قبل أن تغلب الروم فارس، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فساءه ذلك وكرهه، وقال لأبي بكر: " ما دعاك إلى هذا؟ " قال: تصديقا لله ولرسوله. فقال: " تعرض لهم وأعظم الخطر واجعله إلى بضع سنين ". فأتاهم أبو بكر فقال لهم: هل لكم في العود، فإن العود أحمد؟ قالوا: [ص: 299] نعم. [قال] فلم تمض تلك السنون حتى غلبت الروم فارس، وربطوا خيولهم بالمدائن، وبنوا الرومية، فجاء به أبو بكر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هذا السحت، قال: " تصدق به ".

حديث آخر: قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، أخبرني ابن أبي الزناد، عن عروة بن الزبير عن نيار بن مكرم الأسلمي قال: لما نزلت، (الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم ; لأنهم وإياهم أهل كتاب، وفي ذلك قول الله: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم) وكانت قريش تحب ظهور فارس ; لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث، فلما أنزل الله هذه الآية خرج أبو بكر يصيح في نواحي مكة: (الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) قال ناس من قريش لأبي بكر: فذاك بيننا وبينك. زعم صاحبك أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: بلى - وذلك قبل تحريم الرهان - فارتهن أبو بكر والمشركون، وتواضعوا الرهان، وقالوا لأبي بكر: كم تجعل البضع: ثلاث سنين إلى تسع سنين، فسم بيننا وبينك وسطا ننتهي إليه. قال: فسموا بينهم ست سنين. قال: فمضت ست السنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس، فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين، قال: لأن الله قال: (في بضع سنين). قال: فأسلم عند ذلك ناس كثير.

هكذا ساقه الترمذي، ثم قال: هذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد. وقد روي نحو هذا مرسلا عن جماعة من التابعين مثل عكرمة، والشعبي، ومجاهد، وقتادة، والسدي، والزهري، وغيرهم.

ومن أغرب هذه السياقات ما رواه الإمام سنيد بن داود في تفسيره حيث قال: حدثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، عن عكرمة قال: كانت في فارس امرأة لا تلد إلا الملوك الأبطال، فدعاها كسرى فقال: إني أريد أن أبعث إلى الروم جيشا وأستعمل عليهم رجلا من بنيك، فأشيري علي، أيهم أستعمل؟ فقالت: هذا فلان، وهو أروغ من ثعلب، وأحذر من صقر. وهذا فرخان، وهو أنفذ من سنان. وهذا شهريراز، وهو أحلم من كذا - تعني أولادها الثلاثة - فاستعمل أيهم شئت. قال: فإني قد استعملت الحليم. فاستعمل شهريراز، فسار إلى الروم بأهل فارس، فظهر عليهم فقتلهم، وخرب مدائنهم، وقطع زيتونهم.

[ص: 300]

قال أبو بكر بن عبد الله: فحدثت بهذا الحديث عطاء الخراساني فقال: أما رأيت بلاد الشام؟ قلت: لا قال: أما إنك لو رأيتها لرأيت المدائن التي خربت، والزيتون الذي قطع. فأتيت الشام بعد ذلك فرأيته.

قال عطاء الخراساني: حدثني يحيى بن يعمر: أن قيصر بعث رجلا يدعى قطمة بجيش من الروم، وبعث كسرى شهريراز فالتقيا بأذرعات وبصرى، وهي أدنى الشام إليكم، فلقيت فارس الروم، فغلبتهم فارس. ففرحت بذلك كفار قريش وكرهه المسلمون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير